وقرأ ذلك آخرون: يوم التناد بتشديد الدال، بمعنى: التفاعل من الند، وذلك إذا هربوا فندوا في الأرض، كما تند الإبل: إذا شردت على أربابها. ذكر من قال ذلك كذلك، وذكر المعنى الذي قصد بقراءته ذلك كذلك:
23393 حدثني موسى بن عبد الرحمن المسروقي، قال: ثنا أبو أسامة، عن الأجلح، قال: سمعت الضحاك بن مزاحم، قال: إذا كان يوم القيامة، أمر الله السماء الدنيا فتشققت بأهلها، ونزل من فيها من الملائكة، فأحاطوا بالأرض ومن عليها، ثم الثانية، ثم الثالثة، ثم الرابعة، ثم الخامسة، ثم السادسة، ثم السابعة، فصفوا صفا دون صف، ثم ينزل الملك الأعلى على مجنبته اليسرى جهنم، فإذا رآها أهل الأرض ندوا فلا يأتون قطرا من أقطار الأرض إلا وجدوا السبعة صفوف من الملائكة، فيرجعون إلى المكان الذي كانوا فيه، فذلك قول الله: إني أخاف عليكم يوم التناد يوم تولون مدبرين وذلك قوله:
وجاء ربك والملك صفا صفا وجئ يومئذ بجهنم، وقوله: يا معشر الجن والإنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السماوات والأرض فانفذوا لا تنفذون إلا بسلطان، وذلك قوله: وانشقت السماء فهي يومئذ واهية والملك على أرجائها. 23394 حدثنا محمد، قال: ثنا أحمد، قال: ثنا أسباط، عن السدي، قوله يوم التناد قال: تندون.
وروي عن الحسن البصري أنه قرأ ذلك: يوم التنادي بإثبات الياء وتخفيف الدال.
والصواب من القراءة في ذلك عندنا ما عليه قراء الأمصار، وهو تخفيف الدال وبغير إثبات الياء، وذلك أن ذلك هو القراءة التي عليها الحجة مجمعة من قراء الأمصار، وغير جائز خلافها فيما جاءت به نقلا. فإذا كان ذلك هو الصواب، فمعنى الكلام: ويا قوم إني أخاف عليكم يوم ينادي الناس بعضهم بعضا، إما من هول ما قد عاينوا من عظيم سلطان الله، وفظاعة ما غشيهم من كرب ذلك اليوم، وإما لتذكير بعضهم بعضا إنجاز الله إياهم الوعد الذي وعدهم في الدنيا، واستغاثة من بعضهم ببعض، مما لقي من عظيم البلاء فيه.
وقوله: يوم تولون مدبرين فتأويله على التأويل الذي ذكرنا من الخبر عن