* (والذين لا يشهدون الزور وإذا مروا باللغو مروا كراما) *.
اختلف أهل التأويل في معنى الزور الذي وصف الله هؤلاء القوم بأنهم لا يشهدونه، فقال بعضهم: معناه الشرك بالله. ذكر من قال ذلك:
20147 - حدثنا ابن بشار، قال: ثنا أبو عامر، قال: ثنا سفيان، عن جويبر، عن الضحاك، في قوله: لا يشهدون الزور قال: الشرك.
20148 - حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله والذين لا يشهدون الزور قال: هؤلاء المهاجرون، قال: والزور قولهم لآلهتهم، وتعظيمهم إياها.
وقال آخرون: بل عني به الغناء. ذكر من قال ذلك:
20149 - حدثني علي بن عبد الأعلى المحاربي قال: ثنا محمد بن مروان، عن ليث، عن مجاهد في قوله: والذين لا يشهدون الزور قال: لا يسمعون الغناء.
وقال آخرون: هو قول الكذب. ذكر من قال ذلك:
20150 - حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، قوله: والذين لا يشهدون الزور قال: الكذب.
قال أبو جعفر: وأصل الزور تحسين الشئ، ووصفه بخلاف صفته، حتى يخيل إلى من يسمعه أو يراه، أنه خلاف ما هو به، والشرك قد يدخل في ذلك، لأنه محسن لأهله، حتى قد ظنوا أنه حق، وهو باطل، ويدخل فيه الغناء، لأنه أيضا مما يحسنه ترجيع الصوت، حتى يستحلي سامعه سماعه، والكذب أيضا قد يدخل فيه، لتحسين صاحبه إياه، حتى يظن صاحبه أنه حق، فكل ذلك مما يدخل في معنى الزور.
فإذا كان ذلك كذلك، فأولى الأقوال بالصواب في تأويله أن يقال: والذين لا يشهدون شيئا من الباطل، لا شركا، ولا غناء، ولا كذبا ولا غيره، وكل ما لزمه اسم الزور، لان الله عم في وصفه إياهم، أنهم لا يشهدون الزور، فلا ينبغي أن يخص من ذلك شئ إلا بحجة يجب التسليم لها، من خبر أو عقل.
وقوله: وإذا مروا باللغو مروا كراما اختلف أهل التأويل في معنى اللغو الذي ذكر