يقول تعالى ذكره: إن في إنباتنا في الأرض من كل زوج كريم لآية. يقول: لدلالة لهؤلاء المشركين المكذبين بالبعث، على حقيقته، وأن القدرة التي بها أنبت الله في الأرض ذلك النبات بعد جدوبها، لن يعجزه أن ينشر بها الأموات بعد مماتهم، أحياء من قبورهم.
وقوله: وما كان أكثرهم مؤمنين يقول: وما كان أكثر هؤلاء المكذبين بالبعث، الجاحدين نبوتك يا محمد، بمصدقيك على ما تأتيهم به من عند الله من الذكر. يقول جل ثناؤه: وقد سبق في عملي أنهم لا يؤمنون، فلا يؤمن بك أكثرهم للسابق من علمي فيهم.
وقوله: وإن ربك لهو العزيز الرحيم يقول: وإن ربك يا محمد لهو العزيز في نقمته، لا يمتنع عليه أحد أراد الانتقام منه. يقول تعالى ذكره: وإني إن أحللت بهؤلاء المكذبين بك يا محمد، المعرضين عما يأتيهم من ذكر من عندي، عقوبتي بتكذيبهم إياك، فلن يمنعهم مني مانع، لأني أنا العزيز الرحيم، يعني أنه ذو الرحمة بمن تاب من خلقه من كفره ومعصيته، أن يعاقبه على ما سلف من جرمه بعد توبته. وكان ابن جريج يقول في معنى ذلك، ما:
20197 - حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني الحجاج، عن ابن جريج قال: كل شئ في الشعراء من قوله عزيز رحيم فهو ما أهلك ممن مضى من الأمم، يقول عزيز، حين انتقم من أعدائه، رحيم بالمؤمنين، حين أنجاهم مما أهلك به أعداءه . قال أبو جعفر: وإنما اخترنا القول الذي اخترناه في ذلك في هذا الموضع، لان قوله: وإن ربك لهو العزيز الرحيم عقيب وعيد الله قوما من أهل الشرك والتكذيب بالبعث، لم يكونوا أهلكوا، فيوجه إلى أنه خبر من الله عن فعله بهم وإهلاكه. ولعل ابن جريج بقوله هذا أراد ما كان من ذلك عقيب خبر الله عن إهلاكه من أهلك من الأمم، وذلك إن شاء الله إذا كان عقيب خبرهم كذلك. القول في تأويل قوله تعالى:
* (وإذ نادى ربك موسى أن ائت القوم الظالمين ئ قوم فرعون ألا يتقون) *. يقول تعالى ذكره: واذكر يا محمد إذ نادى ربك موسى بن عمران أن ائت القوم الظالمين يعني الكافرين قوم فرعون، ونصب القوم الثاني ترجمة عن القوم الأول، وقوله ألا يتقون يقول: ألا يتقون عقاب الله على كفرهم به. ومعنى الكلام: قوم فرعون فقل لهم: ألا يتقون. وترك إظهار فقل لهم لدلالة الكلام عليه. وإنما قيل: ألا يتقون بالياء، ولم يقل ألا تتقون بالتاء، لان التنزيل كان قبل الخطاب، ولو جاءت القراءة فيها بالتاء كان