العلم، عن وهب بن منبه، قوله: فألقه إليهم ثم تول عنهم: أي كن قريبا فانظر ماذا يرجعون. وهذا القول أشبه. بتأويل الآية، لان مراجعة المرأة قومها، كانت بعد أن ألقي إليها الكتاب، ولم يكن الهدهد لينصرف وقد أمر بأن ينظر إلى مراجعة القوم بينهم ما يتراجعونه قبل أن يفعل ما أمره به سليمان. القول في تأويل قوله تعالى:
* (قالت يا أيها الملا إني ألقي إلي كتاب كريم * إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم * ألا تعلوا علي وأتوني مسلمين) *.
يقول تعالى ذكره: فذهب الهدهد بكتاب سليمان إليها، فألقاه إليها فلما قرأته قالت لقومها: يا أيها الملا إني ألقي إلي كتاب كريم. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
20494 - حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سليمة، عن ابن إسحاق، عن بعض أهل العلم، عن وهب بن منبه، قال: كتب، يعني سليمان بن داود مع الهدهد: بسم الله الرحمن الرحيم، من سليمان بن داود، إلى بلقيس بنت ذي سرح وقومها، أما بعد، فلا تعلوا علي وأتوني مسلمين، قال: فأخذ الهدهد الكتاب برجله، فانطلق به حتى أتاها، وكانت لها كوة في بيتها إذا طلعت الشمس نظرت إليها، فسجدت لها، فأتى الهدهد الكوة فسدها بجناحيه حتى ارتفعت الشمس ولم تعلم، ثم ألقى الكتاب من الكوة، فوقع عليها في مكانها الذي هي فيه، فأخذته.
20495 - حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثنا أبو سفيان، عن معمر، عن قتادة، قال: بلغني أنها امرأة يقال لها بلقيس، أحسبه قال: ابنة شراحيل، أحد أبويها من الجن، مؤخر أحد قدميها كحافر الدابة، وكانت في بيت مملكة، وكان أولو مشورتها ثلاث مئة واثني عشر كل رجل منهم على عشرة آلاف، وكانت بأرض يقال لها مأرب، من صنعاء على ثلاثة أيام فلما جاء الهدهد بخبرها إلى سليمان بن داود، كتب الكتاب وبعث به مع الهدهد، فجاء الهدهد وقد غلقت الأبواب، وكانت تغلق أبوابها وتضع مفاتيحها تحت رأسها، فجاء الهدهد فدخل من كوة، فألقى الصحيفة عليها، فقرأتها، فإذا فيها: إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم ألا تعلوا علي وأتوني مسلمين وكذلك كانت تكتب الأنبياء لا تطنب، إنما تكتب جملا.