في قراءة الأمصار، متقاربتا المعنى، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب، القول في تأويل قوله تعالى:
(فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا إن في ذلك لاية لقوم يعلمون (52) وأنجينا الذين آمنوا وكانوا يتقون (53)) يعنى تعالى ذكره بقوله: (فتلك بيوتهم خاوية) فتلك مساكنهم خاوية خالية منهم، ليس فيها منهم أحد، قد أهلكهم الله فأبادهم (بما ظلموا): يقول تعالى ذكره: بظلمهم أنفسهم، بشركهم بالله، وتكذيبهم رسولهم (إن في ذلك لاية لقوم يعلمون) يقول تعالى ذكره: إن في فعلنا بثمود ما قصصنا عليك يا محمد من القصة، لعظة، لمن يعلم فعلنا بهم ما فعلنا، من قومك الذين يكذبونك فيما جئتهم به من عند ربك وعبرة. (وأنجينا الذين آمنوا) يقول: وأنجينا من نقمتنا وعذابنا الذي أحللناه بثمود رسولنا صالحا والمؤمنين به (وكانوا يتقون) يقول: وكانوا يتقون بإيمانهم، وبتصديقهم صالحا الذي حل بقومهم من ثمود ما حل بهم من عذاب الله، فكذلك ننجيك يا محمد وأتباعك، عند إحلالنا عقوبتنا بمشركي قومك من بين أظهرهم. وذكر أن صالحا لما أحل الله بقومه ما أحل، خرج هو والمؤمنون به إلى الشام، فنزل رملة فلسطين، القول في تأويل قوله تعالى:
ولوطا إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة وأنتم تبصرون (54) أئنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء بل أنتم قوم تجهلون (55).
يقول تعالى ذكره: وأرسلنا لوطا إلى قومه، إذ قال لهم: يا قوم (أتأتون الفاحشة وأنتم تبصرون) انها فاحشة، لعلمكم بأنه لم يسبقكم إلى ما تفعلون من ذلك أحد. وقوله (أئنكم لتأتون الرجال شهوة) منكم بذلك من دون فروج النساء التي أباحها الله لكم بالنكاح. وقوله: (بل أنتم قوم تجهلون) يقول: ما ذلك منكم إلا أنكم قوم سفهاء جهلة بعظيم حق الله عليكم، فخالفتم لذلك أمره، وعصيتم رسوله.
تم الجزء التاسع عشر من تفسير الامام حمد بن جرير الطبري ويليه الجزء العشرون أوله: القول في تأويل قوله تعالى (فما كان جواب قومه)... الخ.