20120 - حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله وكان بين ذلك قواما قال: القوام: أن ينفقوا في طاعة الله، ويمسكوا عن محارم الله.
20121 - قال: أخبرني إبراهيم بن نشيط، عن عمر مولى غفرة، قال: قلت له: ما القوام؟ قال: القوام: أن لا تنفق في غير حق، ولا تمسك عن حق هو عليك. والقوام في كلام العرب، بفتح القاف، وهو الشئ بين الشيئين. تقول للمرأة المعتدلة الخلق: إنها لحسنة القوام في اعتدالها، كما قال الحطيئة:
طافت أمامة بالركبان آونة * يا حسنه من قوام ما ومنتقبا فأما إذا كسرت القاف فقلت: إنه قوام أهله، فإنه يعني به: أن به يقوم أمرهم وشأنهم. وفيه لغات آخر، يقال منه: هو قيام أهله وقيمهم في معنى قوامهم. فمعنى الكلام: وكان إنفاقهم بين الاسراف والاقتار قواما معتدلا، لا مجاوزة عن حد الله، ولا تقصيرا عما فرضه الله، ولكن عدلا بين ذلك على ما أباحه جل ثناؤه، وأذن فيه ورخص.
واختلفت القراء في قراءة قوله: ولم يقتروا فقرأته عامة قراء المدينة ولم يقتروا بضم الياء وكسر التاء من: أقتر يقتر. وقرأته عامة قراء الكوفيين ولم يقتروا بفتح الياء وضم التاء من: قتر يقتر. وقرأته عامة قراء البصرة ولم يقتروا بفتح الياء وكسر التاء من قتر يقتر.
والصواب من القول في ذلك، أن كل هذه القراءات على اختلاف ألفاظها لغات مشهورات في العرب، وقراءات مستفيضات وفي قراء الأمصار بمعنى واحد، فبأيتها قرأ القارئ فمصيب.
وقد بينا معنى الاسراف والاقتار بشواهدهما فيما مضى في كتابنا في كلام العرب، فأغنى ذلك عن إعادته في هذا الموضع. وفي نصب القوام وجهان: أحدهما ما ذكرت، وهو أن يجعل في كان اسم الانفاق بمعنى: وكان إنفاقهم ما أنفقوا بين ذلك قواما: أي عدلا، والآخر أن يجعل بين هو الاسم، فتكون وإن كانت في اللفظة نصبا في معنى رفع، كما يقال: كان دون هذا لك كافيا، يعني به: أقل من هذا كان لك كافيا، فكذلك يكون في قوله: وكان بين ذلك قواما لان معناه: وكان الوسط من ذلك قواما. القول في تأويل قوله تعالى: