كل من أكل من إنس أو دابة فهو مسحر، وذلك لان له سحرا يقري ما أكل فيه، واستشهد على ذلك بقول لبيد:
فإن تسألينا فيم نحن فإننا * عصافير من هذا الأنام المسحر وقال بعض نحويي الكوفيين نحو هذا، غير أنه قال: أخذ من قولك: انتفخ سحرك:
أي أنك تأكل الطعام والشراب، فتسحر به وتعلل. وقال: معنى قول لبيد: من هذا الأنام المسحر: من هذا الأنام المعلل المخدوع. قال: ويروى أن السحر من ذلك، لأنه كالخديعة.
والصواب من القول في ذلك عندي: القول الذي ذكرته عن ابن عباس، أن معناه:
إنما أنت من المخلوقين الذين يعللون بالطعام والشراب مثلنا، وليست ربا ولا ملكا فنطيعك، ونعلم أنك صادق فيما تقول. والمسحر: المفعل من السحرة، وهو الذي له سحرة. القول في تأويل قوله تعالى:
* (ما أنت إلا بشر مثلنا فأت بآية إن كنت من الصادقين * قال هذه ناقة لها شرب ولكم شرب يوم معلوم * ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب يوم عظيم) *.
يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل ثمود لنبيها صالح: ما أنت يا صالح إلا بشر مثلنا من بني آدم، تأكل ما نأكل، وتشرب ما نشرب، ولست برب ولا ملك، فعلام نتبعك؟ فإن كنت صادقا في قيلك، وأن الله أرسلك إلينا فأت بآية يعني: بدلالة وحجة على أنك محق فيما تقول، إن كنت ممن صدقنا في دعواه أن الله أرسله إلينا. وقد:
20321 - حدثني أحمد بن عمرو البصري، قال: ثنا عمرو بن عاصم الكلابي، قال: ثنا داود بن أبي الفرات، قال: ثنا علباء بن أحمر، عن عكرمة، عن ابن عباس، أن صالحا النبي (ص) بعثه الله إلى قومه، فآمنوا به واتبعوه، فمات صالح، فرجعوا عن الاسلام،