* (قال يا أيها الملا أيكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين * قال عفريت من الجن أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك وإني عليه لقوي أمين * قال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك فلما رآه مستقرا عنده قال هذا من فضل ربي ليبلوني أأشكر أم أكفر ومن شكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر فإن ربي غني كريم) *.
اختلف أهل العلم في الحين الذي قال فيه سليمان يا أيها الملا أيكم يأتيني بعرشها فقال بعضهم: قال ذلك حين أتاه الهدهد بنبأ صاحبة سبأ، وقال له: جئتك من سبأ بنبأ يقين وأخبره أن لها عرشا عظيما، فقال له سليمان (ص): سننظر أصدقت أم كنت من الكاذبين فكان اختباره صدقه من كذبه بأن قال لهؤلاء: أيكم يأتيني بعرش هذه المرأة قبل أن يأتوني مسلمين. وقالوا إنما كتب سليمان الكتاب مع الهدهد إلى المرأة بعد ما صح عنده صدق الهدهد بمجئ العالم بعرضها إليه على ما وصفه به الهدهد، قالوا: ولولا ذلك كان محالا أن يكتب معه كتابا إلى من لا يدري، هل هو في الدنيا أم لا؟ قالوا: وأخرى أنه لو كان كتب مع الهدهد كتابا إلى المرأة قبل مجئ عرشها إليه، وقبل علمه صدق الهدهد بذلك، لم يكن لقوله له سننظر أصدقت أم كنت من الكاذبين معنى، لأنه لا يلم بخبره الثاني من إبلاغه إياها الكتاب، أو ترك إبلاغه إياها ذلك، إلا نحو الذي علم بخبره الأول حين قال له: جئتك من سبأ بنبأ يقين قالوا: وإن لم يكن في الكتاب معهم امتحان صدقه من كذبه، وكان محالا أن يقول نبي الله قولا لا معنى له وقد قال: سننظر أصدقت أم كنت من الكاذبين علم أن الذي امتحن به صدق الهدهد من كذبه هو مصير عرش المرأة إليه، على ما أخبره به الهدهد الشاهد على صدقه، ثم كان الكتاب معه بعد ذلك إليها. ذكر من قال ذلك:
20519 - حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قال: إن سليمان أوتي ملكا، وكان لا يعلم أن أحدا أوتي ملكا غيره فلما فقد الهدهد سأله: من أين جئت؟ ووعده وعيدا شديدا بالقتل والعذاب، قال:
جئتك من سبأ بنبأ يقين قال له سليمان: ما هذا النبأ؟ قال الهدهد: إني وجدت امرأة بسبأ تملكهم، وأوتيت من كل شئ، ولها عرش عظيم فلما أخبر الهدهد سليمان أنه وجد سلطانا، أنكر أن يكون لاحد في الأرض سلطان غيره، فقال لمن عنده من الجن والإنس : يا أيها الملا أيكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين؟ قال عفريت من الجن أنا