وقوله حجرا محجورا: أي لا تختلط ملوحة هذا بعذوبة هذا، لا يبغي أحدهما على الآخر.
20059 - حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: ثنا ابن علية، عن رجاء، عن الحسن، في قوله: وجعل بينهما برزخا وحجرا محجورا قال: هذا اليبس.
20060 - حدثنا الحسن، قال: ثنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة، في قوله: وجعل بينهما برزخا وحجرا محجورا قال: جعل هذا ملحا أجاجا، قال:
والأجاج: المر.
20061 - حدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد، قال:
سمعت الضحاك يقول: مرج البحرين هذا عذب فرات، وهذا ملح أجاج يقول: خلع أحدهما على الآخر، فلا يغير أحدهما طعم الآخر وجعل بينهما برزخا هو الاجل ما بين الدنيا والآخرة وحجرا محجورا جعل الله بين البحرين حجرا، يقول: حاجزا حجز أحدهما عن الآخر بأمره وقضائه.
20062 - حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله:
وجعل بينهما برزخا وحجرا محجورا وجعل بينهما سترا لا يلتقيان. قال: والعرب إذا كلم أحدهم الآخر بما يكره قال: حجرا. قال: سترا دون الذي تقول.
قال أبو جعفر: وإنما اخترنا القول الذي اخترناه في معنى قوله وجعل بينهما برزخا وحجرا محجورا دون القول الذي قاله من قال معناه: إنه جعل بينهما حاجزا من الأرض أو من اليبس، لان الله تعالى ذكره أخبر في أول الآية أنه مرج البحرين، والمرج:
هو الخلط في كلام العرب على ما بينت قبل، فلو كان البرزخ الذي بين العذب الفرات من البحرين، والملح الأجاج أرضا أو يبسا لم يكن هناك مرج للبحرين، وقد أخبر جل ثناؤه أنه مرجهما، وإنما عرفنا قدرته بحجزه هذا الملح الأجاج عن إفساد هذا العذب الفرات، مع اختلاط كل واحد منهما بصاحبه. فأما إذا كان كل واحد منهما في حيز عن حيز صاحبه، فليس هناك مرج، ولا هناك من الأعجوبة ما ينبه عليه أهل الجهل به من الناس، ويذكرون به، وإن كان كل ما ابتدعه ربنا عجيبا، وفيه أعظم العبر والمواعظ والحجج البوالغ. القول في تأويل قوله تعالى:
* (وهو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا وكان ربك قديرا) *.