أهل النار خروجا من النار، وآخر أهل النار دخولا الجنة، قال: يؤتى برجل يوم القيامة، فيقال: نحوا كبار ذنوبه وسلوه عن صغارها، قال: فيقال له: عملت كذا وكذا، وعملت كذا وكذا، قال: فيقول: يا رب لقد عملت أشياء ما أراها ها هنا، قال: فضحك رسول الله (ص) حتى بدت نواجذه، قال: فيقال له: لك مكان كل سيئة حسنة.
قال أبو جعفر: وأولى التأويلين بالصواب في ذلك تأويل من تأوله: فأولئك يبدل الله سيئاتهم: أعمالهم في الشرك، حسنات في الاسلام، بنقلهم عما يسخطه الله من الأعمال إلى ما يرضى.
وإنما قلنا ذلك أولى بتأويل الآية، لان الأعمال السيئة قد كانت مضت على ما كانت عليه من القبح، وغير جائز تحويل عين قد مضت بصفة، إلى خلاف ما كانت عليه، إلا بتغييرها عما كانت عليه من صفتها في حال أخرى، فيجب إن فعل ذلك كذلك، أن يصير شرك الكافر الذي كان شركا في الكفر بعينه إيمانا يوم القيامة بالاسلام ومعاصيه كلها بأعيانها طاعة، وذلك ما لا يقوله ذو حجا.
وقوله: وكان الله غفورا رحيما يقول تعالى ذكره: وكان الله ذا عفو عن ذنوب من تاب من عباده، وراجع طاعته، وذا رحمة به أن يعاقبه على ذنوبه بعد توبته منها. قوله:
ومن تاب يقول: ومن تاب من المشركين، فآمن بالله ورسوله وعمل صالحا يقول:
وعمل بما أمره الله فأطاعه، فإن الله فاعل به من إبداله سيئ أعماله في الشرك، بحسنها في الاسلام، مثل الذي فعل من ذلك، بمن تاب وآمن وعمل صالحا قبل نزول هذه الآية من أصحاب رسول الله (ص). وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
20146 - حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله:
ومن تاب وعمل صالحا فإنه يتوب إلى الله متابا قال: هذا للمشركين الذين قالوا لما أنزلت والذين لا يدعون مع الله إلها آخر... إلى قوله وكان الله غفورا رحيما لأصحاب رسول الله (ص): ما كان هؤلاء إلا معنا، قال: ومن تاب وعمل صالحا فإن لهم مثل ما لهؤلاء فإنه يتوب إلى الله متابا لم تخطر التوبة عليكم. القول في تأويل قوله تعالى: