* (ولو شئنا لبعثنا في كل قرية نذيرا ئ فلا تطع الكافرين وجاهدهم به جهادا كبيرا) *.
يقول تعالى ذكره: ولو شئنا يا محمد لأرسلنا في كل مصر ومدينة نذيرا ينذرهم بأسنا على كفرهم بنا، فيخف عنك كثير من أعباء ما حملناك منه، ويسقط عنك بذلك مؤنة عظيمة، ولكنا حملناك ثقل نذارة جميع القرى، لتستوجب بصبرك عليه إن صبرت ما أعمد الله لك من الكرامة عنده، والمنازل الرفيعة قبله، فلا تطع الكافرين فيما يدعونك إليه من أن تعبد آلهتهم، فنذيقك ضعف الحياة وضعف الممات، ولكن جاهدهم بهذا القرآن جهادا كبيرا، حتى ينقادوا للاقرار بما فيه من فرائض الله، ويدينوا به ويذعنوا للعمل بجميعه طوعا وكرها. وبنحو الذي قلنا في قوله: وجاهدهم به قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
20051 - حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، قال: قال ابن عباس: قوله فلا تطع الكافرين وجاهدهم به قال: بالقرآن. وقال آخرون في ذلك بما.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله وجاهدهم به جهادا كبيرا قال: الاسلام. وقرأ: وأغلظ عليهم وقرأ: وليجدوا فيكم غلظة وقال: هذا الجهاد الكبير. القول في تأويل قوله تعالى:
* (وهو الذي مرج البحرين هذا عذب فرات وهذا ملح أجاج وجعل بينهما برزخا وحجرا محجورا) *.
يقول تعالى ذكره: والله الذي خلط البحرين، فأمرج أحدهما في الآخر، وأفاضه فيه.
وأصل المرج الخلط، ثم يقال للتخلية: مرج، لان الرجل إذا خلى الشئ حتى اختلط بغيره، فكأنه قد مرجه ومنه الخبر عن النبي (ص)، وقوله لعبد الله بن عمرو كيف بك يا