ويفهمون عنه ما ينبههم عليه، فيوعون مواعظة آذانا سمعته، وقلوبا وعته. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
20158 - حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: لم يخروا عليها صما وعميانا فلا يسمعون، ولا يبصرون، ولا يفقهون حقا.
* - حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، قوله والذين إذا ذكروا بآيات ربهم لم يخروا عليها صما وعميانا قال: لا يفقهون، ولا يسمعون، ولا يبصرون.
20159 - حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: ثنا ابن علية، عن ابن عون، قال: قلت للشعبي: رأيت قوما قد سجدوا، ولم أعلم ما سجدوا منه، أسجد؟ قال: والذين إذا ذكروا بآيات ربهم لم يخروا عليها صما وعميانا.
20160 - حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله والذين إذا ذكروا بآيات ربهم لم يخروا عليها صما وعميانا قال: هذا مثل ضربه الله لهم، لم يدعوها إلى غيرها، وقرأ قول الله: إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم... الآية.
فإن قال قائل: وما معنى قوله يخروا عليها صما وعميانا أو يخر الكافرون صما وعميانا إذا ذكروا بآيات الله، فينفي عن هؤلاء ما هو صفة للكفار؟ قيل: نعم، الكافر إذا تليت عليه آيات الله خر عليها أصم وأعمى، وخره عليها كذلك، إقامته على الكفر، وذلك نظير قول العرب: سببت فلانا، فقام يبكي، بمعنى فظل يبكي، ولا قيام هنالك، ولعله أن يكون بكى قاعدا وكما يقال: نهيت فلانا عن كذا، فقعد يشتمني ومعنى ذلك: فجعل يشتمني، وظل يشتمني، ولا قعود هنالك، ولكن ذلك قد جرى على ألسن العرب، حتى قد فهموا معناه. وذكر الفراء أنه سمع العرب تقول: فعد يشتمني، كقولك: قام يشتمني، أقبل يشتمني قال: وأنشد بعض بني عامر: