والصواب من القول في ذلك أنهما قراءتان مشهورتان، وقرأ بكل واحدة منهما علماء من القراء بمعنى واحد، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب. وتأويل الكلام: قالوا: ربنا غلبت علينا ما سبق لنا في سابق علمك وخط لنا في أم الكتاب.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا حكام، عن عنبسة، عن محمد بن عبد الرحمن، عن القاسم بن أبي بزة، عن مجاهد، قوله: غلبت علينا شقوتنا قال:
التي كتبت علينا.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله:
غلبت علينا شقوتنا التي كتبت علينا.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله.
وقال: قال ابن جريج: بلغنا أن أهل النار نادوا خزنة جهنم: أن ادعوا ربكم يخفف عنا يوما من العذاب فلم يجيبوهم ما شاء الله فلما أجابوهم بعد حين قالوا: ادعوا وما دعاء الكافرين إلا في ضلال. قال: ثم نادوا مالكا: يا مالك ليقض علينا ربك فسكت عنهم مالك خازن جهنم أربعين سنة، ثم أجابهم فقال: إنكم ماكثون. ثم نادى الأشقياء ربهم، فقالوا: ربنا غلبت علينا شقوتنا وكنا قوما ضالين ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون فسكت عنهم مثل مقدار الدنيا، ثم أجابهم بعد ذلك تبارك وتعالى: اخسئوا فيها ولا تكلمون.
قال: ثني حجاج، عن أبي بكر بن عبد الله، قال: ينادي أهل النار أهل الجنة فلا يجيبونهم ما شاء الله، ثم يقول: أجيبوهم وقد قطع الرحم والرحمة. فيقول أهل الجنة: يا أهل النار عليكم غضب الله يا أهل النار عليكم لعنة الله يا أهل النار، لا لبيكم