حدثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر عن الحسن:
وكانوا قوما بورا قال: هم الذين لا خير فيهم.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله:
وكانوا قوما بورا قال: يقول: ليس من الخير في شئ.
البور: الذي ليس فيه من الخير شئ. واختلفت القراء في قراءة قوله: ما كان ينبغي لنا أن نتخذ من دونك من أولياء فقرأ ذلك عامة قراء الأمصار: نتخذ بفتح النون سوى الحسن ويزيد بن القعقاع، فإنهما قرأه: أن نتخذ بضم النون. فذهب الذين فتحوها إلى المعنى الذي بيناه في تأويله، من أن الملائكة وعيسى ومن عبد من دون الله من المؤمنين هم الذين تبرءوا أن يكون كان لهم ولي غير الله تعالى ذكره. وأما الذين قرأوا ذلك بضم النون، فإنهم وجهوا معنى الكلام إلى أن المعبودين في الدنيا إنما تبرءوا إلى الله أن يكون كان لهم أن يعبدوا من دون الله جل ثناؤه، كما أخبر الله عن عيسى أنه قال إذا قيل أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله قال سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق ما قلت لهم إلا ما أمرتني به أن اعبدوا الله ربي وربكم.
قال أبو جعفر: وأولى القراءتين في ذلك عندي بالصواب قراءة من قرأه بفتح النون، لعلل ثلاث: إحداهن إجماع من القراء عليها. والثانية: أن الله جل ثناؤه ذكر نظير هذه القصة في سورة سبأ، فقال: ويوم يحشرهم جميعا ثم يقول للملائكة أهؤلاء إياكم كانوا يعبدون قالوا سبحانك أنت ولينا من دونهم، فأخبر عن الملائكة أنهم إذا سئلوا عن عبادة من عبدهم تبرءوا إلى الله من ولايتهم، فقالوا لربهم: أنت ولينا من دونهم، فذلك يوضح عن صحة قراءة من قرأ ذلك: ما كان ينبغي لنا أن نتخذ من دونك من أولياء بمعنى: ما كان ينبغي لنا أن نتخذهم من دونك أولياء. والثالثة: أن العرب لا تدخل من هذه التي تدخل في الجحد إلا في الأسماء، ولا تدخلها في الاخبار، لا يقولون: ما رأيت أخاك من رجل، وإنما يقولون: ما رأيت من أحد، وما عندي من