فذكر بالله وحدث قومه ما أصاب من قبلهم من الأمم من نقمة الله، خلفه في مجلسه إذا قام، ثم يقول: أنا والله يا معشر قريش أحسن حديثا منه، فهلموا فأنا أحدثكم أحسن من حديثه ثم يحدثهم عن ملوك فارس ورستم وأسفنديار، ثم يقول: ما محمد أحسن حديثا مني قال: فأنزل الله تبارك وتعالى في النضر ثماني آيات من القرآن، قوله: وإذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين وكل ما ذكر فيه الأساطير في القرآن.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: ثني محمد بن أبي محمد، عن سعيد أو عكرمة، عن ابن عباس نحوه، إلا أنه جعل قوله: فأنزل الله في النضر ثماني آيات، عن ابن إسحاق، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج:
أساطير الأولين أشعارهم وكهانتهم وقالها النضر بن الحارث.
فتأويل الكلام: وقال هؤلاء المشركون بالله الذين قالوا لهذا القرآن إن هذا إلا إفك افتراه محمد (ص): هذا الذي جاءنا به محمد أساطير الأولين، يعنون أحاديثهم التي كانوا يسطرونها في كتبهم، اكتتبها محمد (ص) من يهود. فهي تملى عليه يعنون بقوله: فهي تملى عليه فهذه الأساطير تقرأ عليه، من قولهم: أمليت عليك الكتاب وأمللت. بكرة وأصيلا يقول: وتملى عليه غدوة وعشيا.
وقوله: قل أنزله الذي يعلم السر في السماوات والأرض يقول تعالى ذكره: قل يا محمد لهؤلاء المكذبين بآيات الله من مشركي قومك: ما الامر كما تقولون من أن هذا القرآن أساطير الأولين وأن محمد (ص) افتراه وأعانه عليه قوم آخرون، بل هو الحق، أنزله الرب الذي يعلم سر من في السماوات ومن في الأرض، ولا يخفى عليه شئ، ومحصي ذلك على خلقه، ومجازيهم بما عزمت عليه قلوبهم وأضمروه في نفوسهم. إنه كان غفورا رحيما يقول: إنه لم يزل يصفح عن خلقه ويرحمهم، فيتفضل عليهم بعفوه، يقول: فلان ذلك من عادته في خلقه، يمهلكم أيها القائلون ما قلتم من الإفك والفاعلون ما فعلتم من الكفر.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: