وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثني عيسى وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله:
يسبح له من في السماوات والأرض والطير صافات كل قد علم صلاته وتسبيحه قال:
والصلاة للانسان، والتسبيح لما سوى ذلك من الخلق.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد: قوله: ألم تر أن الله يسبح له من في السماوات والأرض والطير صافات كل قد علم صلاته وتسبيحه قال: صلاته: للناس، وتسبيحه: عامة لكل شئ.
ويتوجه قوله: كل قد علم صلاته وتسبيحه لوجوه: أحدها: أن تكون الهاء التي في قوله: صلاته وتسبيحه من ذكر كل، فيكون تأويل الكلام: كل مصل ومسبح منهم قد علم الله صلاته وتسبيحه، ويكون الكل حينئذ مرتفعا بالعائد من ذكره في قوله: كل قد علم صلاته وتسبيحه، وهو الهاء التي في الصلاة.
والوجه الآخر: أن تكون الهاء في الصلاة والتسبيح أيضا ل " الكل:، ويكون الكل مرتفعا بالعائد من ذكره عليه في: علم، ويكون: علم فعلا ل الكل، فيكون تأويل الكلام حينئذ: قد علم كل مصل ومسبح منهم صلاة نفسه وتسبيحه الذي كلفه وألزمه.
والوجه الآخر: أن تكون الهاء في الصلاة والتسبيح من ذكر الله، والعلم ل الكل، فيكون تأويل الكلام حينئذ: قد علم كل مسبح ومصل صلاة الله التي كلفه إياها، وتسبيحه.
وأظهر هذه المعاني الثلاثة على هذا الكلام المعنى الأول، وهو أن يكون المعنى: كل مصل منهم ومسبح، قد علم الله صلاته وتسبيحه.
وقوله: والله عليم بما يفعلون يقول تعالى ذكره: والله ذو علم بما يفعل كل مصل ومسبح منهم، لا يخفى عليه شئ من أفعالهم، طاعتها ومعصيتها، محيط بذلك كله، وهو مجازيهم على ذلك كله.
وقوله: ولله ملك السماوات والأرض يقول جل ثناؤه: ولله سلطان السماوات والأرض وملكها، دون كل من هو دونه من سلطان وملك، فإياه فارهبوا أيها الناس، وإليه فارغبوا لا إلى غيره، فإن بيده خزائن السماوات والأرض، لا يخشى بعطاياكم منها فقرا.
وإلى الله المصير: يقول: وأنتم إليه بعد وفاتكم، مصيركم ومعادكم، فيوفيكم أجور