حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: ثنا هشيم، عن سيار، قال: حدثت عن ابن مسعود، أنه رأى قوما من أهل السوق حيث نودي بالصلاة تركوا بياعاتهم ونهضوا إلى الصلاة، فقال عبد الله: هؤلاء من الذين ذكر الله في كتابه: لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله.
وقال بعضهم: معني ذلك: لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن صلاتهم المفروضة عليهم. ذكر من قال ذلك:
حدثني علي، قال: ثنا عبد الله، قال: ثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس، قال: ثم قال: رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله يقول: عن الصلاة المكتوبة.
وقوله: وإقام الصلاة يقول: ولا يشغلهم ذلك أيضا عن إقام الصلاة بحدودها في أوقاتها.
وبنحو قولنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا محمد، قال: ثنا عوف، عن سعيد بن أبي الحسن، عن رجل نسي عوف اسمه في: وإقام الصلاة قال: يقومون للصلاة عند مواقيت الصلاة.
فإن قال قائل: أو ليس قوله: وإقام الصلاة مصدرا من قوله أقمت؟ قيل: بلى.
فإن قال: أو ليس المصدر منه إقامة، كالمصدر من آجرت إجارة؟ قيل: بلى. فإن قال:
وكيف قال: وإقام الصلاة، أو تجيز أن نقول: أقمت إقاما؟ قيل: ولكني أجيز: أعجبني إقام الصلاة. فإن قيل: وما وجه جواز ذلك؟ قيل: إن الحكم في أقمت إذا جعل منه مصدر أن يقال إقواما، كما يقال: أقعدت فلانا إقعادا وأعطيته إعطاء ولكن العرب لما سكنت الواو من أقمت فسقطت لاجتماعها وهي ساكنة والميم ووهي ساكنة، بنوا المصدر على ذلك إذ جاءت الواو ساكنة قبل ألف الأفعال وهي ساكنة، فسقطت الأولى منهما، فأبدلوا منها هاء في آخر الحرف، كالتكثير للحرف، كما فعلوا ذلك في قولهم: وعدته عدة، ووزنته زنة إذ ذهبت الواو من أوله، كثروه من آخره بالهاء فلما أضيفت الإقامة إلى الصلاة، حذفوا الزيادة التي كانوا زادوها للتكثير، وهي الهاء في آخرها لان الخافض وما