أهل الايمان به، فقال: مثل نور الله الذي أنار به لعباده سبيل الرشاد، الذي أنزله إليهم فآمنوا به وصدقوا بما فيه، في قلوب المؤمنين، مثل مشكاة، وهي عمود القنديل الذي فيه الفتيلة وذلك هو نظير الكوة التي تكون في الحيطان التي لا منفذ لها. وإنما جعل ذلك العمود مشكاة، لأنه غير نافذ، وهو أجوف مفتوح الأعلى، فهو كالكوة التي في الحائط التي لا تنفذ. ثم قال: فيها مصباح وهو السراج، وجعل السراج وهو المصباح مثلا لما في قلب المؤمن من القرآن والآيات المبينات. ثم قال: المصباح في زجاجة يعني أن السراج الذي في المشكاة في القنديل، وهو الزجاجة، وذلك مثل للقرآن، يقول: القرآن الذي في قلب المؤمن الذي أنار الله قلبه في صدره. ثم مثل الصدر في خلوصه من الكفر بالله والشك فيه واستنارته بنور القرآن واستضاءته بآيات ربه المبينات ومواعظه فيها، بالكوكب الدري، فقال: الزجاجة وذلك صدر المؤمن الذي فيه قلبه كأنها كوكب دري.
واختلفت القراء في قراءة قوله: دري فقرأته عامة قراء الحجاز: دري بضم الدال، وترك الهمز. وقرأ بعض قراء البصرة والكوفة: درئ بكسر الدال وهمزة. وقرأ بعض قراء الكوفة: درئ بضم الدال وهمزة. وكأن الذين ضموا داله وتركوا الهمزة، وجهوا معناه إلى ما قاله أهل التفسير الذي ذكرنا عنهم، من أن الزجاجة في صفائها وحسنها كالدر، وأنها منسوبة إليه لذلك من نعتها وصفتها. ووجه الذين قرأوا ذلك بكسر داله وهمزه، إلى أنه فعيل من درئ الكوكب: أي دفع ورجم به الشيطان، من قوله:
ويدرأ عنها العذاب: أي يدفع، والعرب تسمى الكواكب العظام التي لا تعرف أسماءها الدراري بغير همز. وكان بعض أهل العلم بكلام العرب من أهل البصرة يقول: هي الدرارئ بالهمز، من يدرأن. وأما الذين قرأوه بضم داله وهمزه، فإن كانوا أرادوا به دروء مثل سبوح وقدوس من درأت، ثم استثقلوا كثرة الضمات فيه، فصرفوا بعضها إلى الكسرة، فقالوا: درئ، كما قيل: وقد بلغت من الكبر عتيا وهو فعول، من عتوت عتوا، ثم حولت بعض ضماتها إلى الكسر، فقيل: عتيا. فهو مذهب، وإلا فلا أعرف لصحة قراءتهم ذلك كذلك وجها، وذلك أنه لا يعرف في كلام العرب فعيل. وقد كان بعض أهل العربية يقول: هو لحن.