وأولى هذه الأقوال في معنى ذلك عندي قول من قال: معناه: فكاتبوهم إن علمتم فيهم قوة على الاحتراف والاكتساب ووفاء بما أوجب على نفسه وألزمها وصدق لهجة.
وذلك أن هذه المعاني هي الأسباب التي بمولى العبد الحاجة إليها إذا كاتب عبده مما يكون في العبد فأما المال وإن كان من الخير، فإنه لا يكون في العبد وإنما يكون عنده أو له لا فيه، والله إنما أوجب علينا مكاتبة العبد إذا علمنا فيه خيرا لا إذا علمنا عنده أو له، فلذلك لم نقل: إن الخير في هذا الموضع معني به المال.
وقوله: وآتوهم من مال الله الذي آتاكم يقول تعالى ذكره: وأعطوهم من مال الله الذي أعطاكم.
ثم اختلف أهل التأويل في المأمور بإعطائه من مال الله الذي أعطاه من هو؟ وفي المال أي الأموال هو؟ فقال بعضهم: الذي أمر الله بإعطاء المكاتب من مال الله هو مولى العبد المكاتب، ومال الله الذي أمر بإعطائه منه هو مال الكتابة، والقدر الذي أمر أن يعطيه منه الربع.
وقال آخرون: بل ما شاء من ذلك المولى. ذكر من قال ذلك:
حدثني عمرو بن علي، قال: ثنا عمران بن عيينة، قال: ثنا عطاء بن السائب، عن أبي عبد الرحمن السلمي، عن علي في قول الله: وآتوهم من مال الله الذي آتاكم قال: ربع المكاتبة.
حدثنا الحسن بن عرفة، قال: ثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربي، عن عطاء بن السائب، عن أبي عبد الرحمن السلمي، عن علي، في قوله الله: وآتوهم من مال الله الذي آتاكم قال: ربع الكتابة يحطها عنه.
حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: ثنا ابن علية، عن ليث، عن عبد الأعلى، عن أبي عبد الرحمن، عن علي رضي الله عنه، في قول الله: وآتوهم من مال الله الذي آتاكم قال: الربع من أول نجومه.