على أن يكاتب عبده. وقد سمعت بعض أهل العلم إذا سئل عن ذلك فقيل له: إن الله تبارك وتعالى يقول في كتابه: فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا يتلو هاتين الآيتين: فإذا حللتم فاصطادوا فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله قال مالك: فإنما ذلك أمر أذن الله فيه للناس، وليس بواجب على الناس ولا يلزم أحدا. وقال الثوري: إذا أراد العبد من سيده أن يكاتبه، فإن شاء السيد أن يكاتبه كاتبه، ولا يجبر السيد على ذلك.
حدثني بذلك علي عن زيد عنه وحد ثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا قال: ليس بواجب عليه أن يكاتبه، إنما هذا أمر أذن الله فيه ودليل.
وأولى القولين في ذلك عندي بالصواب قول من قال: واجب على سيد العبد أن يكاتبه إذا علم فيه خيرا وسأله العبد الكتابة وذلك أن ظاهر قوله: فكاتبوهم ظاهر أمر، وأمر الله فرض الانتهاء إليه، ما لم يكن دليل من كتاب أو سنة على أنه ندب، لما قد بينا من العلة في كتابنا المسمى البيان عن أصول الاحكام.
وأما الخير الذي أمر الله تعالى ذكره عباده بكتابة عبيدهم إذا علموه فيهم، فهو القدرة على الاحتراف والكسب لأداء ما كوتبوا عليه. ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن عبد الكريم الجزري، عن نافع، عن ابن عمر: أنه كره أن يكاتب مملوكه إذا لم تكن له حرفة، قال:
تطعمني أوساخ الناس.
حدثني علي، قال: ثنا عبد الله، قال: ثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس، قوله: فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا يقول: إن علمتم لهم حيلة، ولا تلقوا مؤنتهم على المسلمين.