أزواجهم، ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم، فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين، تقوم مقام الشهداء الأربعة في دفع الحد عنه. فترك ذكر تقوم مقام الشهداء الأربعة، اكتفاء بمعرفة السامعين بما ذكر من الكلام، فصار مرافع الشهادة ما وصفت.
ويعني بقوله: فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله: فحلف أحدهم أربع أيمان بالله، من قول القائل: أشهد بالله إنه لمن الصادقين فيما رمى زوجته به من الفاحشة، والخامسة يقول: والشهادة الخامسة، أن لعنة الله عليه يقول: إن لعنة الله له واجبة وعليه حالة، إن كان فيما رماها به من الفاحشة من الكاذبين.
وبنحو الذي قلنا في ذلك جاءت الآثار عن رسول الله (ص)، وقالت به جماعة من أهل التأويل. ذكر الرواية بذلك، وذكر السبب الذي فيه أنزلت هذه الآية:
حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: ثنا ابن علية، قال: ثنا أيوب، عن عكرمة، قال: لما نزلت والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة قال سعد بن عبادة: الله إن أنا رأيت لكاع متفخذها رجل فقلت بما رأيت إن في ظهري لثمانين إلى ما أجمع أربعة؟ قد ذهب فقال رسول الله (ص): يا معشر الأنصار، ألا تسمعون إلى ما يقول سيدكم؟. قالوا: يا رسول الله لا تلمه وذكروا من غيرته فما تزوج امرأة قط إلا بكرا، ولا طلق امرأة قط فرجع فيها أحد منا. فقال رسول الله (ص): فإن الله يأبى إلا ذاك فقال: لا والله، لا يجعل في ظهري ثمانين أبدا، لقد نظرت حتى أيقنت، ولقد استسمعت حتى استشفيت قال: فأنزل الله القرآن باللعان، فقيل له: احلف فحلف، قال: قفوه عند الخامسة، فإنها موجبة. فقال: لا يدخله الله النار بهذا أبدا، كما درأ عنه جلد ثمانين، لقد نظرت حتى أيقنت، ولقد استسمعت حتى استشفيت فحلف ثم قيل: احلفي فحلفت ثم قال: ققوها عند الخامسة، فإنها موجبة. فقيل لها: إنها موجبة، فتلكأت ساعة، ثم قالت: لا أخزي قومي، فحلفت. فقال رسول الله (ص): إن جاءت به كذا وكذا فهو لزوجها، وإن جاءت به كذا وكذا فهو للذي قيل فيه ما قيل. قال: فجاءت به غلاما كأنه جمل أورق، فكان بعد أميرا بمصر، لا يعرف نسبه، أو لا يدرى من أبوه.