كانوا يكسبون فسمع ذلك رجل ممن غزا مع النبي (ص)، فأتاهم وهم خلفهم، فقال:
تعلمون أن قد أنزل على رسول الله (ص) بعدكم قرآن، قالوا: ما الذي سمعت؟ قال ما أدري، غير أني سمعت أنه يقول: إنهم رجس، فقال رجل يدعى مخشيا: والله لوددت أني أجلد مئة جلدة وأني لست معكم فأتى رسول الله (ص): ما جاء بك؟ فقال: وجه رسول الله (ص) تسفعه الريح وأنا في الكن، فأنزل الله عليه: ومنهم من يقول ائذن لي ولا تفتني وقالوا لا تنفروا في الحر ونزل عليه في الرجل الذي قال: لوددت أني أجلد مئة جلدة، قول الله: يحذر المنافقون أن تنزل عليهم سورة تنبئهم بما في قلوبهم فقال رجل مع رسول الله: لئن كان هؤلاء كما يقولون ما فينا خير. فبلغ ذلك رسول الله (ص)، فقال له: أنت صاحب الكلمة التي سمعت؟ فقال: لا والذي أنزل عليك الكتاب فأنزل الله فيه: ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم وأنزل فيه: وفيكم سماعون لهم والله عليم بالظالمين.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرني يونس، عن ابن شهاب، قال: أخبرني عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك، أن عبد الله بن كعب، قال: سمعت كعب بن مالك يقول: لما قدم رسول الله (ص) من تبوك، جلس للناس، فلما فعل ذلك جاءه المخلفون، فطفقوا يعتذرون إليه ويحلفون له، وكانوا بضعة وثمانين رجلا، فقبل منهم رسول الله (ص) علانيتهم وبايعهم واستغفر لهم ووكل سرائرهم إلى الله وصدقته حديثي. فقال كعب: والله ما أنعم الله علي من نعمة قط بعد أن هداني للاسلام أعظم في نفسك من صدق رسول الله (ص) أن لا أكون كذبته فأهلك كما هلك الذين كذبوا، إن الله قال للذين كذبوا حين أنزل الوحي، شر ما قال لاحد: سيحلفون بالله لكم إذا انقلبتم إليهم لتعرضوا عنهم فأعرضوا عنهم إنهم رجس ومأواهم جهنم جزاء بما كانوا يكسبون... إلى قوله: فإن الله لا يرضى عن القوم الفاسقين. القول في تأويل قوله تعالى: