فإنه في الحقيقة نوع من التأكيد في جعل الناس مبصرين. (ثمة بحث عن فلسفة النور والظلام والليل والنهار، ورد أثناء الحديث عن الآيات (1).
ثم تضيف الآية: إن الله لذو فضل على الناس ولكن أكثر الناس لا يشكرون.
إن النظام الدقيق كتناوب الليل والنهار والظلمة والنور، يعتبر واحدا من مواهب الله تبارك وتعالى وعطاياه لعباده، وسر من أسرار الحركة في الحياة وفي منظومة الوجود الكوني.
فبدون النور ليس ثمة حياة أو حركة، ومن دون أن يتناوب الليل والنهار - أو الظلام والنور - سيؤدي إلى تعطيل حركة الحياة، بل وجعلها مستحيلة. فشدة النور - مثلا - ستشل الموجودات وتعطل نمو النبات، وكذلك الظلمة الدائمية لها أضرارها. ولكن الناس - وبدواعي العادة والألفة - لم يلتفتوا إلى هذه المواهب الإلهية وما تستبطنه من منافع لهم.
والملفت للنظر أن القاعدة تقتضي أن يكون هناك " ضمير " بدل " الناس " الثانية، فيكون القول: لكن أكثرهم لا يشكرون، إلا أن ذكر " الناس " بدلا عن الضمير كأنه يشير إلى أن طبع الإنسان الجاهل هو كفران النعم وترك الشكر، كما نقرأ ذلك واضحا في الآية (34) من سورة إبراهيم، في قوله تعالى: إن الإنسان لظلوم كفار. (يلاحظ هذا المعنى في تفسير الميزان وروح المعاني).
أما إذا ملك الإنسان عينا بصيرة وقلبا عارفا بحيث يرى النعم الإلهية اللامتناهية في كل مكان يحل به، وينظر إلى فيض النعم والعطايا والمواهب الربانية، فسيضطر طبيعيا إلى الخضوع والعبودية والشكر، ويرى نفسه صغيرا مدينا إلى خالق هذه العظمة وواهب هذه العطايا. (عن معنى الشكر وأقسامه يمكن مراجعة البحث الخامس في تفسير الآية " 7 " من سورة إبراهيم).