عالم الوجود، وألطاف الله ومواهبه على الخلق؟!
الطريف أن الآية تستخدم في الإشارة إلى المراحل الأربع الأولى تعبير " خلقكم " لأن ليس للإنسان أي دور فيها، حيث يتطور من التراب إلى النطفة ثم إلى العلقة فطفلا صغيرا من دون أن يكون له أي دور في هذه التحولات. لكن في المراحل الثلاث التي تلي الولادة، أي مرحلة الوصول إلى أقصى القوة الجسمية ثم مرحلة الشيب وانتهاء العمر، استخدمت الآية تعبير " لتبلغوا " و " لتكونوا " وفيها إشارة إلى كيان الإنسان الحر وفيها أيضا ما يشير إلى الحقيقة التي تقول: إن نمو الإنسان ووجوده عبر هذه المراحل الثلاث، وتقدمه باطراد أو تأخره، يرتبط بشكل أو بآخر بحسن تدبير الإنسان أو سوء تدبير،، حيث يبلغ من الشيخوخة أو يموت مبكرا، وهذا يدل على مدى الدقة في استخدام التعابير القرآنية الآنفة الذكر.
وسبق أن أشرنا إلى أن التعبير ب " يتوفى " الذي يتضمن معنى الموت، لا يعني الفناء التام وفق المنطق القرآني، بل إن ملك الموت يمسك الروح ويقبضها بإذنه تعالى وبحسب الأجل الإلهي المحتوم، فتنقل الأرواح إلى عالم آخر ألا وهو عالم " البرزخ ".
إن تكرار مفاد هذا التعبير في القرآن الكريم، يبين بوضوح نظرة الإسلام تجاه الموت، هذا المفهوم الذي يخرج عن نطاق الفهم المادي الضيق الذي يقرن الموت بالفناء والعدم، بينما الموت لا يعبر إلا عن انتقال الروح من هذا العالم إلى عال آخر هو عالم البقاء.
وقوله تعالى: ومنكم من يتوفى من قبل قد يكون إشارة إلى حصول الموت قبل مرحلة الشيخوخة، أو قد يعني الإشارة إلى المراحل السابقة بأجمعها، بمعنى أن الموت قد يصيب الإنسان قبل أن يبلغ إلى مرحلة من المراحل السابقة.
ومن الضروري أن نشير هنا إلى أن جميع المراحل، عدا المرحلة الأخيرة