قرارا.
لقد خلق الله للإنسان الأرض كي تكون مقرا هادئا ومستقرا آمنا له إنه المكان الخالي من المعوقات الصعبة، متناسق في تشكيلته مع تكوين الإنسان الروحي والجسدي، حيث تتوفر في الأرض المصادر المختلفة للحياة والوسائل المتنوعة والمجانية التي يحتاجها لمعيشته.
ثم تضيف الآية: والسماء بناءا أي كالسقف والقبة فوقكم.
و " بناء " كما يقول " ابن منظور " في لسان العرب، تعني البيوت التي كان عرب البادية يستفيدون منها ويستظلون تحتها كالخيم وما يستظل الإنسان تحته.
إنه تعبير جميل ودال حيث يصور السماء كالخيمة التي تغطي أطراف الأرض ولا تنقص منها شيئا. والمقصود بالسماء هنا الغلاف الجوي الذي يحيط بالأرض.
إن الخيمة الإلهية الكبيرة هذه تقلل من شدة أشعة الشمس، وعدمها يعرض الأرض إلى الأشعة الكونية الحارقة القاتلة لجميع الكائنات الحية الموجودة على الأرض، لذلك نرى أن رواد الفضاء مضطرين لارتداء ملابس خاصة تحميهم من هذه الإشاعات.
إضافة إلى ما تقدم، تمنع الخيمة السماوية سقوط الأحجار التي تنجذب من السماء نحو الأرض، حيث تقوم بإحراقها بمجرد وصولها إلى غلاف الأرض ليصل رمادها بهدوء إلى الأرض.
وإلى هذا المعنى تشير الآية (32) من سورة الأنبياء، حيث يقول تعالى:
وجعلنا السماء سقفا محفوظا.
ثم ينتقل الحديث من آيات الآفاق إلى آيات الأنفس، فيقول تعالى:
وصوركم فأحسن صوركم. القامة متوازنة خالية من الانحراف، وجه في تقاطيع جميلة لطيفة وفي منتهى النظم والاستحكام، إذ يمكن بلمحة واحدة التمييز بين الكائن البشري وبين الموجودات والكائنات الأخرى.