الآية التي بعدها، وفي إطار مقارنة واضحة تكشف عن الفرق بين حال المتكبرين الجهلة إزاء المؤمنين الواعين، حيث يقول: وما يستوي الأعمى والبصير والذين آمنوا وعملوا الصالحات ولا المسئ (1).
إلا أنكم بسبب جهلكم وتكبركم: قليلا ما تتذكرون (2).
إن المبصرين يرون صغر أنفسهم إزاء عظمة العالم المحيط بهم، وبذلك فهم يعرفون قدر أنفسهم ومعرفتهم وموقعهم، إلا أن الأعمى لا يدرك موقعه أو حجمه في الزمان والمكان وفي عموم الوجود المحيط به. لذلك فهو يخطئ دائما في تقييم أبعاد وجوده، ويصاب بالكبر والغرور والوهم الذي يدفعه إلى ما هو قبيح وسئ.
ونستفيد أيضا من خلال ارتباط الجملتين ببعضهما البعض أن الإيمان والعمل الصالح ينور بصائر القلب والفكر بنور المعرفة والتواضع والاستقرار، بعكس الكفر والعمل الطالح الذي يجعل الإنسان أعمى فاقدا لبصيرته، مشوها في رؤيته للأشياء والمقاييس.
الآية الأخيرة في المجموعة القرآنية التي بين أيدينا تتعرض إلى وقوع القيامة وقيام الساعة حيث يقول تعالى: إن الساعة لآتية لا ريب فيها ولكن أكثر الناس لا يؤمنون " إن " و " اللام " في (لآتية) وجملة (لا ريب فيها) كلها للتأكيد المكرر الذي يستهدف تأكيد المضمون والمعنى المراد، وهو قيام القيامة.
لقد عالجت الرؤية القرآنية قضية القيامة في أكثر من مكان ومورد، بمختلف الأدلة ووسائل الإقناع، ذلك نرى بعض الآيات تذكر قيام الساعة والقيامة بدون