وحتى بين النبيين فقد فضل الله بعضهم على بعض بسبب اجتيازهم للامتحان والاختبار أكثر من غيرهم، فأخلصوا لله تعالى بمراتب أعلى وأفضل:
تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض (1).
لقد استخلف الله الإنسان في هذه الأرض، وجعل منه خليفته، وفضل البعض على البعض الآخر وفقا لاختلاف الخصائص والقابليات لدى الإنسان: وهو الذي جعلكم خلائف الأرض ورفع بعضكم فوق بعض درجات (2).
فإذا كانت الآية السابقة قد دعت إلى الإخلاص في الدين، فإن الآية التي بين أيدينا تقول: إن الله تبارك وتعالى سوف يرفع درجاتكم بمقدار إخلاصكم، فهو رفيع الدرجات.
إن صحة كل هذه المعاني منوطة بتفسير (رفيع) بالرافع، إلا أن البعض ذهب إلى أن (رفيع) في الآية بمعنى (المرتفع) وبناء على هذا المعنى فإن رفيع الدرجات تشير إلى الصفات العالية الرفيعة لله تعالى، فهو رفيع في علمه، وفي قدرته، وفي جميع أوصافه الكمالية والجمالية، هو تعالى رفيع في أوصافه بحيث أن عقل الإنسان برغم قابليته واستعداده لا يستطيع أن يدركها.
وبحكم أن اللغة تعطي صلاحية متساوية للمعنيين الآنفين لكمة (رفيع) فإن التفسيرين واردان، ولكن لأن الآية تتحدث عن إعطاء الأجر لعباد الله الصالحين، والذي هو الدرجات الرفيعة، لذا فإن المعنى الأول أظهر.
لكن لا مانع من الجمع بين التفسيرين، لأننا نعتقد جواز استخدام اللفظ لأكثر من معنى، خصوصا في إطار الآيات التي تشتمل ألفاظها على معاني كبيرة وواسعة.
تضيف الآية بعد ذلك قوله تعالى: ذو العرش.