من بين آيات الله المبثوثة في السماء والأرض وفي وجود الإنسان، ذلك لأن الرزق هو أكثر ما يشغل البال والفكر، وأحيانا نرى الإنسان يستنجد بالأصنام من أجل زيادة الرزق، وإنقاذه من وضعه المتردي، لذا يأتي القرآن ليؤكد أن جميع الأرزاق هي بيد الله ولا تستطيع الأصنام أو غيرها أن تفعل أي شئ.
وأخيرا تضيف الآية الكريمة: برغم جميع هذه الآيات البينات التي تسود هذا العالم الواسع، وتغمد الوجود بضيائها، إلا أن العيون العمياء والقلوب المحجوبة لا تكاد ترى شيئا، وإنما يتذكر - فقط - من ينيب إلى خالقه ويغسل قلبه وروحه من الذنوب: وما يتذكر إلا من ينيب.
الآية التي بعدها ترتب نتيجة على ما سبق فتقول: فادعوا الله مخلصين له الدين انهضوا واضربوا الأصنام وحطموها بفؤوس الإيمان، وامحوا آثارها من ذاكرة الفكر والثقافة والمجتمع.
ومن الطبيعي أن وقفتكم الربانية هذه ستؤذي الكافرين والمعاندين، لكن عليكم أن لا تسمحوا للخوف أن يتسرب إلى قلوبكم، أخلصوا نياتكم: ولو كره الكافرون.
ففي المجتمع الذي يشكل فيه عبدة الأصنام الغالبية، يكون طريق أهل التوحيد موحشا في بادئ الأمر، مثل شروق الشمس في بدايات الصباح الأولى وسط عالم الظلام والخفافيش، لكن عليكم أن لا تركنوا إلى ردود الأفعال غير المدروسة، تقدموا بحزم وإصرار، وارفعوا راية التوحيد والإخلاص، وانشروها في كل مكان.
تصف الآية التي تليها خالق الكون ومالك الحياة والموت، بعض الصفات المهمة، فتقول: رفيع الدرجات فهو تعالى يرفع درجات العباد الصالحين كما في قوله تعالى: يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات (1).