عذاب عظيم.
أجهزة استقبال الحقائق معطوبة عند هؤلاء، العين التي يرى المتقون فيها آيات الله، والاذن التي يسمعون بها نداء الحق، والقلب الذي يدركون به الحقائق، كلها قد تعطلت وتوقفت عن العمل لدى الكافرين. هؤلاء لهم عيون وآذان وعقول، لكنهم يفتقدون قدرة " الرؤية " و " الإدراك " و " السمع ". لأن انغماسهم في الانحراف وعنادهم ولجاجهم كلها عناصر تشكل حجابا أمام أجهزة المعرفة.
الإنسان قابل للهداية طبعا - إن لم يصل إلى هذه المرحلة - مهما بلغ به الضلال، أما حينما يبلغ في درجة يفقد معها حس التشخيص " فلات حين نجاة " لأنه افتقد أدوات الوعي والفهم، ومن الطبيعي أن يكون في انتظاره عذاب عظيم.
* * * 2 بحوث 3 1 - سلب قدرة التشخيص ومسألة الجبر.
أول سؤال يطرح في هذا المجال يدور حول مسألة الجبر، التي قد تتبادر إلى الأذهان من قوله تعالى: ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ... فهذا الختم يفيد بقاء هؤلاء في الكفر إجبارا، دون أن يكون لهم اختيار في الخروج من حالتهم هذه. أليس هذا بجبر؟ وإذا كان جبرا فلماذا العقاب؟
القرآن الكريم يجيب على هذه التساؤلات ويقول: إن هذا الختم وهذا الحجاب هما نتيجة إصرار هؤلاء ولجاجهم وتعنتهم أمام الحق، واستمرارهم في الظلم والطغيان والكفر. يقول تعالى: بل طبع الله عليها بكفرهم (1) ويقول: كذلك يطبع الله على كل قلب متكبر جبار (2) ويقول أيضا: أفرأيت من اتخذ إلهه هواه