خط التوحيد الذي دعا إليه الأنبياء يتميز بنبذ الآلهة المتعددة، وهداية البشرية نحو الإله الواحد الاحد، وانطلاقا من هذه الأهمية القصوى للقضاء على الآلهة المتعددة جاء التأكيد القرآني بعد آية البسملة بقوله: الحمد لله رب العالمين.
وبهذا يرسم القرآن الكريم خط البطلان على جميع الآلهة المزيفة وأرباب النوع ويلقي بها في وادي العدم مكانها الأولي، ويغرس محلها أزهار التوحيد والاتحاد.
هذا التأكيد يتلوه الإنسان المسلم عشر مرات في صلواته اليومية - على الأقل - لتترسخ فكرة التوحيد، وفكرة رفض ربوبية كل الأرباب والآلهة، غير ربوبية الله رب العالمين.
3 2 - ربوبية الله طريق لمعرفة الله كلمة (الرب)، وإن كانت تعني في الأصل المالك والصاحب، تتضمن معنى الصاحب المتعهد بالتربية.
إمعان النظر في المسيرة التكاملية للموجودات الحية، وفي التغييرات والتحولات التي تجري في عالم الجماد، وفي الظروف التي تتوفر لتربية الموجودات، وفي تفاصيل هذه الحركات والعمليات، هو أفضل طريق لمعرفة الله. والتنسيق اللاإرادي بين أعضاء جسدنا هو نموذج حي لذلك.
لو واجهنا في حياتنا - مثلا - حادثة هامة تتطلب منا أن ننهض أمامها بقوة وحزم، فإن أوامر منسقة تصدر خلال لحظة قصيرة إلى جميع أجزاء جسدنا بشكل لا إرادي. وبسرعة خاطفة يشتد ضربان قلبنا وتنفسنا، وتتجهز كل قوانا، وتتدفق المواد الغذائية والأوكسجين - المحمولة عن طريق الدم - إلى جميع الخلايا، وتتأهب الأعصاب والعضلات للعمل والحركة السريعة، وترتفع قدرة تحمل الإنسان للمتاعب والآلام، ويغادر النوم العيون، ويزول التعب من