الشديدة صادر عمن خلقكم، وعمن هو أعرف بما يضركم وينفعكم.
3 ذنب عظيم وتوبة فريدة لا شك أن عبادة عجل السامري لم تكن مسألة هينة، لأن بني إسرائيل شاهدوا ما شاهدوا من آيات الله ومعجزات نبيهم موسى (عليه السلام)، ثم نسوا ذلك دفعة، وخلال فترة قصيرة من غياب النبي انحرفوا تماما عن مبدأ التوحيد وعن الدين الإلهي.
كان لابد من اقتلاع جذور هذه الظاهرة الخطرة، كي لا تعود إلى الظهور ثانية خاصة بعد وفاة صاحب الرسالة.
ومن هنا كانت الأوامر الإلهية بالتوبة شديدة لم يسبق لها نظير في تاريخ الأنبياء، وتقضي هذه الأوامر أن تقترن التوبة بإعدام جماعي لعدد كبير من المذنبين، على أيديهم أنفسهم.
طريقة تنفيذ هذا الإعدام لا تقل شدة عن الإعدام نفسه، فقد صدرت الأوامر الإلهية أن يقتل المذنبون بعضهم بعضا، وفي ذلك عذابان للمذنب: عذاب قتل الأصدقاء والمعارف على يديه، وما ينزل به - هو نفسه - من عذاب القتل.
وجاء في الأخبار أن موسى أمر في ليلة ظلماء كل الجانحين إلى عبادة العجل، أن يغتسلوا ويرتدوا الأكفان ويعملوا السيف بعضهم في البعض الآخر.
ولعلك تسأل عن السبب في قساوة هذه التوبة ولماذا لم يقبل الله تعالى منهم التوبة دون إراقة للدماء؟
الجواب: إن السبب في شدة هذا الحكم - كما ذكرنا - يعود إلى عظمة الذنب الذي ارتكبوه بعد كل ما شاهدوه من آيات ومعاجز، وإلى أن هذا الذنب يهدد وجود الدعوة ومستقبلها لإن أصول ومبادئ جميع الأديان السماوية يمكن اختزالها في التوحيد، فلو تزلزل هذا الأصل فإن ذلك يعني انهيار جميع اللبنات