مشتقة من النفق: وهو الطريق النافذ في الأرض المحفور فيها للاستتار أو الفرار)، وهم أخطر أعداء الثورة، لأن مواقفهم غير واضحة، والأمة الثائرة لا تستطيع أن تعرفهم وتطردهم من صفوفها، لذلك يتغلغلون في صفوف الناس المخلصين الطيبين، ويتسلمون أحيانا المناصب الحساسة في المجتمع.
ثورة الإسلام في عصرها الأول واجهت مثل هذه المجموعة. فبعد الهجرة المباركة وضعت أول لبنة للدولة الإسلامية في المدينة المنورة، وازداد الكيان الإسلامي الوليد قوة بعد إنتصار المسلمين في غزوة " بدر ". وهذه الانتصارات عرضت للخطر مصالح زعماء المدينة، وخاصة اليهود منهم، لأن اليهود كانوا يتمتعون في المدينة بمكانة ثقافية واقتصادية مرموقة. وهؤلاء أنفسهم كانوا يبشرون قبل البعثة النبوية المباركة بظهور النبي.
كما كان في المدينة أفراد مرشحون للزعامة والملكية، لكن الهجرة النبوية بددت آمال هؤلاء المتضررون من الدعوة رأوا أن الجماهير تندفع نحو الإسلام، وتنقاد إلى النبي الخاتم (صلى الله عليه وآله وسلم) حتى عمت الدعوة ذويهم وأقاربهم.
وبعد مدة من الدين الجديد، لم يروا بدا من الاستسلام والتظاهر بالإسلام، تجنبا لمزيد من الأخطار الاقتصادية والاجتماعية وحذرا من الإبادة، خاصة وأن قوة العربي تتمثل في قبيلته، والقبائل أسلمت للدين الجديد لكن هؤلاء راحوا يخططون خفية للإطاحة بالإسلام.
بعبارة موجزة، إن ظاهرة " النفاق " في المجتمع، تعود إلى عاملين: أحدهما، إنتصار الثورة وسيطرة الرسالة الثورية على المجتمع، والآخر: انهزام المعارضين نفسيا، وفقدانهم للشجاعة الكافية لمواجهة المد الجديد، واضطرارهم إلى الاستسلام الظاهري أمام الدعوة.
* * *