يرتبط بالآية المذكورة وسائر الآيات في حقل الشفاعة.
3 1 - المفهوم الحقيقي للشفاعة:
كلمة " الشفاعة " من " الشفع " بمعنى " الزوج " و " ضم الشئ إلى مثله "، يقابلها " الوتر " بمعنى " الفرد ". ثم أطلقت على انضمام الفرد الأقوى والأشرف إلى الفرد الأضعف لمساعدة هذا الضعيف، ولها في العرف والشرع معنيان متباينان كل التباين:
أ: إن الشفاعة لدى السواد تعني أن الشفيع يستفيد من مكانته وشخصيته ونفوذه، لتغيير رأي صاحب قدرة بشأن معاقبة من هم تحت سيطرته.
والشفيع قد يرعب صاحب القدرة هذا، أو قد يستعطفه، أو قد يغير أفكاره بشأن ذنب المجرم واستحقاقه للعقاب... وأمثال هذه الأساليب.
الشفاعة بهذا المعنى هي - بعبارة موجزة - لا تعني حدوث أي تغيير في المحتوى النفسي والفكري للمجرم أو المتهم. بل إن كل التغييرات والتحولات تتوجه نحو الشخص الذي تقدم إليه الشفاعة (تأمل بدقة).
هذا اللون من الشفاعة ليست له مكانة في المفهوم الديني على الإطلاق. لأن الله سبحانه وتعالى لا يخطأ حتى يتوسط الشفيع في تغيير رأيه، ولا يحمل تلك العواطف الموجودة في نفس الإنسان كي يمكن إثارة عواطفه، ولا يهاب نفوذ شخص كي ينصاع لأوامره، ولا يدور ثوابه وعقابه حول محور غير محور العدالة.
ب: المفهوم الآخر للشفاعة يقوم على أساس تغيير موقف " المشفوع له ".
أي أن الشخص المشفوع له يوفر في نفسه الظروف والشروط التي تؤهله للخروج من وضعه السئ الموجب للعقاب، وينتقل - عن طريق الشفيع إلى وضع مطلوب حسن يستحق معه العفو والسماح. والإيمان بهذا النوع من الشفاعة - كما سنرى - يربي الإنسان، ويصلح الأفراد المذنبين، ويبعث فيهم الصحوة واليقظة.