3 4 - لماذا اختصت هداية القرآن بالمتقين؟
واضح أن القرآن هداية للبشرية جمعاء، فلماذا خصت الآية الكريمة المتقين بهذه الهداية؟
السبب هو أن الإنسان لا يتقبل هداية الكتب السماوية ودعوة الأنبياء، مالم يصل إلى مرحلة معينة من التقوى (مرحلة التسليم أمام الحق وقبول ما ينطبق مع العقل والفطرة).
وبعبارة أخرى: الأفراد الفاقدون للإيمان على قسمين:
قسم يبحث عن الحق، ويحمل مقدارا من التقوى يدفعه لأن يقبل الحق أنى وجده.
وقسم لجوج متعصب قد استفحلت فيه الأهواء، لا يبحث عن الحق، بل يسعى في إطفاء نوره حيثما وجده.
ومن المسلم به أن أفراد القسم الأول هم الذين يستفيدون من القرآن أو أي كتاب سماوي آخر، أما القسم الثاني فلا حظ لهم في ذلك.
وبعبارة ثالثة: كما إن " فاعلية الفاعل " شرط في الهداية التكوينية وفي الهداية التشريعية، كذلك " قابلية القابل " شرط فيهما أيضا.
الأرض السبخة لا تثمر وإن هطل عليها المطر آلاف المرات، فقابلية الأرض شرط في استثمار ماء المطر.
وساحة الوجود الإنساني لا تتقبل بذر الهداية ما لم يتم تطهيرها من اللجاج والتعصب والعناد. ولذلك قال سبحانه في كتابه العزيز أنه: هدى للمتقين.
* * *