ذلك أن كل آية في القرآن لا تنحصر بأسباب نزولها، بل ينبغي أن يؤخذ مفهومها بشكل حكم عام، وربما استخرج منها أحكام متعددة.
2 التفسير 3 أينما تولوا فثم وجه الله:
الآية السابقة تحدثت عن الظالمين الذين يمنعون مساجد الله أن يذكر فيها اسمه ويسعون في خرابها، وهذه الآية تواصل موضوع الآية السابقة فتقول: ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله.
تؤكد هذه الآية أن منع الناس عن إحياء المساجد لا يقطع الطريق أمام عبودية الله، فشرق هذا العالم وغربه لله سبحانه، وأينما تولوا وجوهكم فالله موجود. وتغيير القبلة تم لظروف خاصة، وليس له علاقة بمكان وجود الله، فالله سبحانه وتعالى لا يحده مكان، ولذلك تقول الآية بعد ذلك: إن الله واسع عليم.
واضح أن المقصود بالمشرق والمغرب في الآية ليس هو الجهتين الخاصتين، بل هو كناية عن كل الجهات. كأن يقول أحد مثلا: أعداء علي (عليه السلام) سعوا للتغطية على فضائله، لكن فضائله انتشرت في شرق العالم وغربه، (أي في كل العالم). ولعل سبب شيوع استعمال الشرق والغرب في الكلام أن الإنسان يتعرف أولا على هاتين الجهتين، ثم يعرف بقية الجهات عن طريق هاتين الجهتين.
وفي آية أخرى يقول القرآن الكريم: وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها (1) * * *