2 بحوث 3 1 - قصة هاروت وماروت كثر الحديث بين أصحاب القصص والأساطير عن هذين الملكين، واختلطت الخرافة بالحقيقة بشأنهما، حتى ما عاد بالإمكان استخلاص الحقائق مما كتب بشأن هذه الحادثة التاريخية، ويظهر أن أصح ما قيل بهذا الشأن وأقربه إلى الموازين العقلية والتاريخية والأحاديث الشريفة هو ما يلي:
شاع السحر في أرض بابل وأدى إلى إحراج الناس وازعاجهم، فبعث الله ملكين بصورة البشر، وأمرهما أن يعلما الناس طريقة إحباط مفعول السحر، ليتخلصوا من شر السحرة.
كان الملكان مضطرين لتعليم الناس أصول السحر، باعتبارها مقدمة لتعليم طريقة إحباط السحر. واستغلت مجموعة هذه الأصول، فانخرطت في زمرة الساحرين، وأصبحت مصدر أذى للناس.
الملكان حذرا الناس - حين التعليم - من الوقوع في الفتنة، ومن السقوط في حضيض الكفر بعد التعلم، لكن هذا التحذير لم يؤثر في مجموعة منهم (1).
وهذا الذي ذكرناه ينسجم مع العقل والمنطق، وتؤيده أحاديث أئمة آل البيت (عليهم السلام) منها ما ورد في كتاب عيون أخبار الرضا (وقد أورده في أحد طرقه عن الإمام الرضا (عليه السلام) في طريق آخر عن الإمام الحسن العسكري (عليه السلام)) (2).
أما ما تتحدث عنه بعض كتب التاريخ ودوائر المعارف بهذا الشأن فمشوب بالخرافات والأساطير، وبعيد كل البعد عما ذكره القرآن، من ذاك مثلا أن الملكين أرسلا إلى الأرض ليثبت لهما سهولة سقوطهما في الذنب إن كانا مكان البشر، فنزلا وارتكبا أنواع الآثام والذنوب والكبائر!! والنص القرآني بعيد عن هذه الأساطير