تملكون الإيمان والحرية والاستقلال، وإن أبيتم إلا أن تكون لكم أطعمة متنوعة، فارجعوا إلى مصر حيث الذل والاستعباد، لتأكلوا من فتات موائد الفراعنة. إن مشتهيات بطونكم أنستكم ما كنتم تعانون منه من ذل واستعباد، وما حصلتم اليوم عليه من حرية ورفعة وافتخار، وما تتحملونه من حرمان يسير إنما هو ثمن لحريتكم (1).
ويبدو أن التفسير الأول أنسب من التاليين.
* * * 3 2 - التنوع وطبيعة الإنسان التنوع هو - دون شك - من متطلبات البشر، وحب التنويع خصلة طبيعية في البشر. والإنسان - إن استمر على تناول طعام معين لمدة طويلة - يمل ذلك الطعام.
فلم إذن توجه اللوم والتقريع إلى بني إسرائيل حين طلبوا الخضروات والخيار والثوم والعدس والبصل ليتخلصوا من الطعام الواحد؟!
الجواب يتضح لو علمنا أن الحياة الإنسانية تقوم على أساس حقائق هامة لا يمكن التخلي عنها، هي الإيمان والطهر والتقوى والتحرر. وقد تمر الجماعة البشرية بمرحلة يتعارض فيها هذا الأساس الهام مع متطلبات الإنسان من الطعام والشراب واللذائذ الأخرى. وهنا تصبح الجماعة أمام خيارين، إما أن تنغمس في اللذات وتترك قيمها وشرفها، أو تضحي بلذاتها من أجل إنسانيتها وكرامتها.
بنو إسرائيل كانوا يعيشون أمام هذين الخيارين.
ولابد من الإشارة إلى أن حقيقة حب التنويع استغلها الطامعون والمستعمرون دوما، ليدفعوا الشعوب إلى هاوية حياة استهلاكية شهوانية هابطة،