في هذا الحديث نجد ارتباطا بين " تأديب العالم " و " شفاعته لمن أدبهم " وهذا الارتباط يوضح كثيرا من المسائل المبهمة في بحثنا هذا.
أضف إلى ما سبق أن في اختصاص الشفاعة بالعالم وسلبها من العابد، دلالة أخرى على أن الشفاعة في المفهوم الإسلامي ليست معاملة وعقدا وتلاعبا بالموازين، بل مدرسة للتربية، وتجسيد لما مر به الفرد من مراحل تربوية في هذا العالم.
* * * 3 6 - التأثير المعنوي للشفاعة:
ما ذكرناه من روايات بشأن الشفاعة هو غيض من فيض، فالروايات في هذا المجال كثيرة تبلغ حد التواتر، وإنما اخترنا منها ما يتناسب مع بحثنا.
النووي الشافعي (1) في شرحه لصحيح مسلم، نقل عن القاضي عياض - وهو من كبار علماء أهل السنة، - أن أحاديث الشفاعة متواترة (2).
ابن تيمية (المتوفى 728 ه.) ومحمد بن عبد الوهاب (المتوفى 1206 ه.)، مع ما لهما من تعصب ولجاج في مثل هذه الأمور، يقران بتواتر هذه الروايات.
ثمة كتاب دراسي معروف ومتداول بين " الوهابية " هو " فتح المجيد " للشيخ عبد الرحمن بن حسن، ينقل عن " ابن القيم " ما يلي:
" الرابع: شفاعته في العصاة من أهل التوحيد الذين يدخلون النار بذنوبهم.
والأحاديث بها متواترة عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وقد أجمع عليها الصحابة وأهل السنة قاطبة وبدعوا من أنكرها وصاحوا به من كل جانب ونادوا عليه بالضلال " (3).
وقبل أن ندرس الآثار الاجتماعية والنفسية لمسألة الشفاعة والاشكاليات