2 التفسير 3 هل الله يضرب المثل؟!
الفقرة الأولى من الآية تقول: إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها.
ذلك لأن المثال يجب أن ينسجم مع المقصود، بعبارة أخرى، المثال وسيلة لتجسيد الحقيقة حين يقصد المتحدث بيان ضعف المدعي وتحقيره فإن بلاغة الحديث تستوجب انتخاب موجود ضعيف للتمثيل به، كيما يتضح ضعف أولئك.
في الآية (73) من سورة الحج مثلا يقول سبحانه: ان الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له، وإن يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذوه منه ضعف الطالب والمطلوب.
يلاحظ في هذا المثال أن الذباب وأمثاله أحسن وسيلة لتجسيد ضعف هؤلاء.
وهكذا في الآية (41) من سورة العنكبوت، حين يريد القرآن أن يجسد ضعف المشركين في انتخابهم أولياء من دون الله، يشبههم بالعنكبوت التي تتخذ لنفسها بيتا، وهو أضعف البيوت وأوهنها: مثل الذين اتخذوا من الله أولياء كمثل العنكبوت اتخذت بيتا، وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت لو كانوا يعلمون.
من المؤكد أن القرآن لو ساق الأمثلة في هذه المجالات على الكواكب والسماوات لما أدى الغرض في التصغير والتحقير، ولما كانت أمثلته متناسبة مع أصول الفصاحة والبلاغة، فكأن الله تعالى يريد بهذه الأمثلة القول: بأنه لا مانع من التمثيل بالبعوضة أو غيرها لتجسيد الحقائق العقلية في ثياب حسية وتقديمها للناس.
الهدف هو إيصال الفكرة، والأمثلة يجب أن تتناسب مع موضوع الفكرة، ولذلك فهو سبحانه يضرب الأمثلة بالبعوضة فما فوقها.
وما المقصود من فما فوقها للمفسرين في هذه رأيان: