بأجمعها في لحظة واحدة، فذلك تابع لكيفية إرادته ولما يراه من مصلحة.
ولو شاء الله - مثلا - أن يبقى الجنين في رحم أمه تسعة أشهر وتسعة أيام ليطوي مراحل تكامله، لما زادت هذه المدة وما نقصت. أما لو شاء أن يطوي هذا الجنين مراحل تكامله خلال لحظة واحدة لحدث ذلك قطعا، لأن إرادته علة تامة للخليقة، ولا يمكن أن توجد فاصلة بين العلة التامة ووجود المعلول.
3 3 - كيف يوجد الشئ من العدم؟
كلمة " بديع " من " بدع "، والإبداع إنشاء صنعة بلا احتذاء واقتداء منه، وفي الآية بمعنى إيجاد الشئ من غير مادة سابقة (1).
والسؤال الذي يطرح في هذا المجال يدور حول إمكان إيجاد الشئ من العدم، فكيف يمكن للعدم - وهو نقيض الوجود - أن يكون منشأ للوجود؟ وهذه هي الشبهة التي يوردها الماديون في مسألة " الإبداع " ليستنتجوا منها أن المادة الأصلية للعالم أزلية أبدية، ولا يطرأ عليها وجود وعدم إطلاقا.
الجواب في المرحلة الأولى، يوجه نفس هذا الاعتراض إلى الماديين فهؤلاء يعتقدون أن مادة هذا العالم قديمة أزلية، ولم ينقص منها شئ حتى الآن، والذي نراه يتغير هو " الصورة " وحدها، لا أصل المادة. ونحن بدورنا نسأل: كيف وجدت الصورة الحالية للمادة ولم تكن موجودة من قبل؟ هل وجدت من العدم؟
إذا كان كذلك، فكيف يمكن للعدم أن يكون منشأ للوجود؟ (تأمل بدقة).
على سبيل المثال، يقول الماديون في لوحة زيتية مرسومة على ورقة أن