وهكذا تستطيع الأهواء والمصالح الشخصية أن تقف بوجه طالب الحقيقة، مهما كان الفرد عاشقا لهذه الحقيقة وتواقا للوصول إليها فيتركها ويعرض عنها، بل تستطيع الأهواء أيضا أن تحول هذا الفرد إلى عدو لدود لهذه الحقيقة.
ما أشد خسارة هؤلاء اليهود، تركوا أوطانهم وهاموا في الأرض بحثا عن علامات أرض الرسالة، ثم ها هم خسروا كل شئ، وباعوا أنفسهم بأسوأ ثمن:
بئس ما اشتروا به أنفسهم.
لقد ضيعوا كل شئ وكأنهم أرادوا أن يكون النبي الموعود من بني إسرائيل، ولهذا تألموا من نزول القرآن على غيرهم، بل ممن شاءه الله: أن يكفروا بما أنزل الله بغيا أن ينزل الله من فضله على من يشاء من عباده.
ولذلك شملهم غضب الله المتوالي: فباءوا بغضب على غضب وللكافرين عذاب مهين.
* * * 2 بحثان 3 1 - صفقة خاسرة إنه لخسران عظيم أن تتهيأ للإنسان كل سبل الهداية ثم يعرض عنها لأمور تافهة، واليهود المعاصرون للنبي الخاتم (صلى الله عليه وآله وسلم) هم من أولئك، توفرت لهم كل هذه السبل، بل تحركوا زمنا يبتغون مصدر هذه الهداية، وعثروا بعد جهد على مبتغاهم حين حطوا رحالهم بين " العير " و " أحد " انتظارا للنبي الموعود، ثم إذا هم يخسرون كل شئ، حين علموا أن هذا النبي المبعوث ليس من بني إسرائيل، أو أنه لا يحقق مصالحهم الشخصية.
ما أكبر الخسارة حين يبيع الإنسان نفسه بهذا الشكل ويشتري بها غضب الله عز وجل! بينما ليس لوجود الإنسان ثمن إلا الجنة كما يقول أمير المؤمنين