والشفاعة في الإسلام لها هذا المفهوم السامي.
وسنرى أن كل الاعتراضات والانتقادات والحملات التي توجه إلى مسألة الشفاعة، إنما تنطلق من فهم الشفاعة بالمعنى الأولي المنحرف، ولا تلتفت إلى المعنى الثاني المنطقي المعقول البناء.
هذا تفسير مقتضب للونين من ألوان الشفاعة: أحدهما " تخديري "، والآخر " بناء ".
* * * 3 2 - الشفاعة في عالم التكوين التفسير الصحيح والمنطقي للشفاعة - بالمفهوم الذي مر بنا - له مصاديق كثيرة في عالم التكوين والخلقة، (إضافة إلى عالم التشريع). الطاقات الأقوى في هذا العالم تنضم إلى الأضعف منها لتسيرها نحو أهداف بناءة.
الشمس تشرق والأمطار تتساقط، لتفجر القوة الكامنة في البذرة لتحركها نحو الإنبات، ونحو شق جسم التربة والخروج إلى الفضاء الذي استمدت البذرة منه طاقات النمو والتكامل.
هذه الظواهر هي في الحقيقة شفاعة تكوينية على صعيد قيامة الحياة الدنيا.
ولو انطلقنا من هذه النماذج الكونية في الشفاعة لفهم الشفاعة على صعيد التشريع، لابتعدنا عن الانحراف، وسنوضح ذلك قريبا.
* * * 3 3 - مستندات الشفاعة:
القرآن الكريم تحدث في ثلاثين موضعا عن مسألة " الشفاعة " (بهذا اللفظ)، وهناك إشارات أخرى إلى هذه المسألة دون ذكر لفظها.
يمكن تقسيم آيات الشفاعة في القرآن إلى المجموعات التالية.