بإرادة الله تعالى. بينما العبارة الأخيرة من الآية توضح أن الهداية والضلال مترتبان على أعمال الإنسان نفسه.
ولمزيد من التوضيح نقول: إن أعمال الإنسان وتصرفاته لها نتائج وثمار معينة. لو كان العمل صالحا فنتيجته مزيد من التوفيق والهداية في السير نحو الله ومزيد من أداء الأعمال الصالحة. يقول تعالى: يا أيها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا (1).
وإن جنح الإنسان نحو المنكرات، فان الظلمات تتراكم على قلبه، ويزداد نهما لارتكاب المحرمات، وقد يبلغ به الأمر إلى أن ينكر خالقه، قال تعالى: ثم كان عاقبة الذين أساؤوا السوء أن كذبوا بآيات الله وكانوا بها يستهزؤون (2).
وقال أيضا: فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم (3).
والآية التي يدور حولها بحثنا شاهد آخر على ذلك حيث يقول تعالى: وما يضل به إلا الفاسقين.
مما تقدم يتضح أن الإنسان حر في انتخاب الطريق في بداية الأمر، وهذه حقيقة يقبلها ضمير كل إنسان، ثم على الإنسان بعد ذلك أن ينتظر النتائج الحتمية لأعماله.
بعبارة موجزة: الهداية والضلالة - في المفهوم القرآني - لا يعنيان الإجبار على انتخاب الطريق الصحيح أو الخاطئ، بل إن الهداية - المفهومة من الآيات المتعددة - تعني توفر سبل السعادة، والإضلال: يعني زوال الأرضية المساعدة للهداية، دون أن يكون هناك إجبار في المسألة.
توفر السبل (الذي نسميه التوفيق)، وزوال هذه السبل (الذي نسميه سلب التوفيق)، هما نتيجة أعمال الإنسان نفسه. فلو منح الله فردا توفيق الهداية، أو