المنزلة التي نالها أنبياء الله في الدنيا، وسيلتذون بما التذ به الأنبياء من تكليم إلهي ... وأية لذة أعظم من هذه اللذة؟!
أضف إلى ذلك إن الله ينظر إليهم بعين لطفه، ويطهرهم بماء عفوه ورحمته، وأية نعمة أعظم من هذه النعمة؟!
بديهي أن تكليم الله عباده لا يعني أن الله له جسم ولسان، بل إنه بقدرته الواسعة يخلق في الفضاء أمواجا صوتية خاصة قابلة للسمع والإدراك، (كما كلم الله موسى عند جبل الطور)، أو أنه يتكلم مع خاصة عباده بلسان القلب عن طريق الإلهام.
على أية حال، هذا اللطف الإلهي الكبير، وهذه اللذة المعنوية المنقطعة النظير، للعباد المخلصين الذين ينطقون بالحق ويعرفون الناس بالحقائق، ويلتزمون بعهودهم ومواثيقهم، ولا يضحون برسالتهم من أجل مصالحهم المادية.
وقد يسأل سائل عن تكليم الله المجرمين يوم القيامة، استنادا إلى ما ورد في الآيات كقوله تعالى: قال اخسؤا فيها ولا تكلمون (1). وهذا جواب من الله لأولئك الذين يطلبون الخروج من النار. ومثل هذا الحوار نجده في الآيتين 30 و 31 من سورة الجاثية.
والجواب: أن المقصود من التكليم في آيات بحثنا، هو تكليم عن لطف وحب واحترام، لا عن تحقير وطرد وعقوبة فذلك من أشد الجزاء.
من الواضح أن عبارة يشترون به ثمنا قليلا لا تعني السماح بأن يشتروا به ثمنا باهظا، فالمقصود أن الثمن المادي مهما زاد فهو تافه لا قيمة له أمام كتمان الحق، حتى ولو كان الثمن الدنيا وما فيها.
الآية التالية تحدد وضع هذه المجموعة وتبين نتيجة صفقتها الخاسرة وتقول:
أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى والعذاب بالمغفرة.