والتدمير: الإهلاك، وإلقاء بعض الأشياء على بعض، حتى يخرب ويهلك، قال جرير:
وكان لهم كبكر ثمود لما * رغى ظهرا، فدمرهم دمارا (1) المعنى: ثم قال سبحانه لنبيه (ص): (واذكر) يا محمد لقومك أهل مكة (أخا عاد) يعني هودا (إذ أنذر قومه) أي خوفهم بالله تعالى، ودعاهم إلى طاعته (بالأحقاف) وهو واد بين عمان ومهرة، عن ابن عباس. وقيل: رمال فيما بين عمان إلى حضرموت، عن ابن إسحاق. وقيل: رمال مشرفة على البحر بالشحر (2) من اليمن، عن قتادة. وقيل: أرض خلالها رمال، عن الحسن. (وقد خلت النذر من بين يديه ومن خلفه) أي: وقد مضت الرسل من قبل هود (ع) ومن بعده (ألا تعبدوا إلا الله) أي بأن لا تعبدوا. والمعنى: إني لم أبعث قبل هود ولا بعده، إلا بالأمر بعبادة الله وحده. وهذا اعتراض كلام وقع بين إنذار هود وكلامه لقومه.
ثم عاد إلى كلام هود لقومه فقال: (إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم) وتقدير الكلام: إذ أنذر قومه بالأحقاف فقال: (إني أخاف عليكم) الآية. ثم حكى ما أجاب به قومه بقوله: (قالوا أجئتنا) يا هود (لتأفكنا) أي لتلفتنا وتصرفنا (عن آلهتنا) أي عن عبادة آلهتنا (فأتنا بما تعدنا) من العذاب (إن كنت من الصادقين) أن العذاب نازل بنا. (قال) هود (إنما العلم عند الله) هو يعلم متى يأتيكم العذاب، لا أنا (وأبلغكم ما أرسلت به) إليكم أي وأنا أبلغكم ما أمرت بتبليغه إليكم (ولكني أراكم قوما تجهلون) حيث لا تجيبون إلى ما فيه صلاحكم ونجاتكم، وتستعجلون العذاب الذي فيه هلاككم. وهذا لا يفعله إلا الجاهل بالمنافع والمضار.
(فلما رأوه) أي فلما رأوا ما يوعدون. والهاء تعود إلى ما تعدنا في قوله:
(فائتنا بما تعدنا) (عارضا) أي سحابا يعرض في ناحية من السماء، ثم يطبق السماء (مستقبل أوديتهم) قالوا: كانت عاد قد حبس عنهم المطر أياما، فساق الله إليهم سحابة سوداء، خرجت عليهم من واد لهم يقال له المغيث، فلما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم استبشروا. (قالوا هذا عارض ممطرنا) أي سحاب ممطر