ويميتهم بعد إحيائهم (ربكم) الذي خلقكم ودبركم (ورب آبائكم الأولين) الذين سبقوكم.
ثم ذكر سبحانه الكفار فقال: ليس هؤلاء بموقنين بما قلناه (بل هم في شك) مما أخبرناك به (يلعبون) مع ذلك ويستهزئون بك وبالقرآن إذا قرئ عليهم، عن الجبائي. وقيل: يلعبون أي يشتغلون بالدنيا، ويترددون في أحوالها. ثم خاطب نبيه (ص) فقال: (فارتقب) أي فانتظر يا محمد (يوم تأتي السماء بدخان مبين) وذلك أن رسول (ص) دعا على قومه لما كذبوه فقال: " اللهم سنينا (1) كسني يوسف! " فأجدبت الأرض، فأصابت قريشا المجاعة، وكان الرجل لما به من الجوع يرى بينه وبين السماء كالدخان، وأكلوا الميتة والعظام، ثم جاؤوا إلى النبي (ص) وقالوا: يا محمد! جئت تأمر بصلة الرحم، وقومك قد هلكوا. فسأل الله تعالى لهم بالخصب والسعة، فكشف عنهم. ثم عادوا إلى الكفر، عن ابن مسعود والضحاك.
وقيل: إن الدخان آية من أشراط الساعة، تدخل في مسامع الكفار والمنافقين، وهو لم يأت بعد، وإنه يأتي قبل قيام الساعة، فيدخل أسماعهم حتى أن رؤوسهم تكون كالرأس الحنيذ، ويصيب المؤمن منه مثل الزكمة، وتكون الأرض كلها كبيت أوقد فيه، ليس فيه خصاص (2)، ويمكث ذلك أربعين يوما، عن ابن عباس وابن عمر والحسن والجبائي. (يغشى الناس) يعني أن الدخان يعم جميع الناس. وعلى القول الأول المراد بالناس أهل مكة، وهم الذين يقولون (هذا عذاب أليم) أي موجع مؤلم.
ربنا اكشف عنا العذاب إنا مؤمنون (12) أنى لهم الذكرى وقد جاءهم رسول مبين (13) ثم تولوا عنه وقالوا معلم مجنون (14) إنا كاشفوا العذاب قليلا إنكم عائدون (15) يوم نبطش البطشة الكبرى إنا منتقمون (16) ولقد فتنا قبلهم قوم فرعون وجاءهم رسول كريم (17) أن أدوا إلي عباد الله إني لكم رسول أمين