من الموت) قال الزجاج: يريد أنهم يشخصون نحوك بابصارهم، وينظرون إليك نظرا شديدا، كما ينظر الشاخص ببصره عند الموت، لثقل ذلك عليهم، وعظمه في نفوسهم. (فأولى لهم) هذا تهديد ووعيد. قال الأصمعي: معنى قولهم في التهديد أولى لك وليك وقارنك ما تكره. وقال قتادة: معناه العقاب لهم، والوعيد لهم.
وعلى هذا يكون أولى اسما للتهديد والوعيد، ويكون (أولى لهم) مبتدأ وخبرا، ولا ينصرف (أولى) لأنه على وزن الفعل، وصار اسما للوعيد. وقول الأصمعي: إن معناه (وليك ما تكره) لا يريد به أن (أولى) فعل وإنما فسره على المعنى. وقيل:
معناه أولى لهم طاعة الله ورسوله، وقول معروف بالإجابة أي: لو أطاعوا فأجابوا كانت الطاعة والإجابة أولى لهم، وهذا معنى قول ابن عباس في رواية عطاء، واختيار الكسائي. فيكون على هذا طاعة، وقول معروف، متصلا بما قبله. وكذلك لو كانت صفة لسورة، وتقديره: فإذا أنزلت سورة ذات طاعة، وقول معروف على ما قاله الزجاج، وعلى القول الأول يكون (طاعة) مبتدأ محذوف الخبر، تقديره طاعة وقول معروف، أمثل أو أحسن، أو يكون خبر مبتدأ محذوف تقديره: أمرنا طاعة، ويكون الوقف حسنا عند قوله: (فأولى لهم).
(طاعة وقول معروف فإذا عزم الأمر فلو صدقوا الله لكان خيرا لهم (21) فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم (22) أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم (23) أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها (24) إن الذين ارتدوا على أدبارهم من بعد ما تبين لهم الهدى الشيطان سول لهم وأملى لهم (25).
القراءة: قرأ يعقوب وسهل: (وتقطعوا) بفتح التاء والطاء وسكون القاف.
والباقون: (وتقطعوا) بالتشديد وضم التاء وكسر الطاء. وقرأ أهل البصرة: (وأملي لهم) بضم الهمزة وفتح الياء. وفي رواية رويس عن يعقوب بسكون الياء. وقرأ الباقون: (وأملى لهم) بفتح الهمزة واللام. وروي عن النبي (ص): (فهل عسيتم إن وليتم)، وعن علي (ع): (إن توليتم). قال أبو حاتم معناه: إن تولاكم الناس.