ثم بين سبحانه أن النعم كلها منه فقال: (لله ملك السماوات والأرض) أي له التصرف فيهما، وفيما بينهما، وسياستهما بما تقتضيه الحكمة. (يخلق ما يشاء) من أنواع الخلق (يهب لمن يشاء) (1) من خلقه (إناثا) فلا يولد له ذكر. (ويهب لمن يشاء الذكور) البنين فلا يولد له أنثى (أو يزوجهم ذكرانا وإناثا) معناه: أو يجمع لهم بين البنين والبنات، تقول العرب. زوجت إبلي أي جمعت بين صغارها وكبارها. قال مجاهد: هو أن تلد المرأة غلاما، ثم جارية، ثم غلاما، ثم جارية.
وقيل: هو أن تلد توأما ذكرا وأنثى، أو ذكرا وذكرا، أو أنثى وأنثى، عن ابن زيد.
وقيل: هو أن يجمع في الرحم الذكر والأنثى، عن محمد بن الحنفية. (ويجعل من يشاء) من الرجال والنساء (عقيما) لا يلد ولا يولد له (إنه عليم) بما خلق (قدير) على خلق من يشاء. * (وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا فيوحي بإذنه ما يشاء إنه علي حكيم [51] * وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم [52] * صراط الله الذي له ما في السماوات وما في الأرض ألا إلى الله تصير الأمور [53] *.
القراءة: قرأ نافع: (أو يرسل) بالرفع، (فيوحي) بسكون الياء. والباقون:
(أو يرسل)، (فيوحي) بالنصب.
الحجة: قال أبو علي: من نصب (أو يرسل) فلا يخلو من أن يكون محمولا على أن في قوله. (أن يكلمه الله) أو على غيره. فلا يجوز أن يكون محمولا عليه، لأنه يصير تقديره: ما كان لبشر أن يكلمه الله، أو أن يرسل رسولا إليه. ولم يخل قوله: (أو يرسل رسولا) من أن يكون المراد: أو يرسله رسولا، أو يكون، أو يرسل إليه رسولا والتقديران جميعا فاسدان. ألا ترى أن كثيرا من البشر قد أرسل رسولا، وكثيرا منهم قد أرسل إليه الرسل. فإذا لم يخل من هذين التقديرين، ولم يصح واحد منهما، علمت أن المعنى ليس عليه، والتقدير على غيره، فالذي عليه المعنى