* (والذين يحاجون في الله من بعد ما استجيب له حجتهم داحضة عند ربهم و عليهم غضب ولهم عذاب شديد [16] * الله الذي أنزل الكتاب بالحق والميزان وما يدريك لعل الساعة قريب [17] * يستعجل بها الذين لا يؤمنون بها والذين آمنوا مشفقون منها ويعلمون أنها الحق ألا إن الذين يمارون في الساعة لفي ضلال بعيد [18] * الله لطيف بعباده يرزق من يشاء وهو القوي العزيز [19] * من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وما له في الآخرة من نصيب [20] *.
المعنى: لما تقدم ظهور الحجة، وانقطاع المحاجة، عقبه بذكر من يحاج بالباطل، فقال سبحانه: (والذين يحاجون في الله) أي يخاصمون النبي صلى الله عليه وآله وسلم والمسلمين في دين الله وتوحيده، وهم اليهود والنصارى، قالوا. كتابنا قبل كتابكم، ونبينا قبل نبيكم، ونحن خير منكم، وأولى بالحق، عن مجاهد وقتادة. وإنما قصدوا بما قالوا، ليدفعوا ما أتى به محمد صلى الله عليه وآله وسلم. (من بعد ما استجيب له) أي: من بعد ما دخل الناس في الاسلام، وأجابوه إلى ما دعاهم إليه.
(حجتهم داحضة عند ربهم) أي: خصومتهم باطلة حيث زعموا أن دينهم أفضل من الاسلام، ولأن ما ذكروه لا يمنع من صحة نبؤة نبينا بأن ينسخ الله كتابهم، وشريعة نبيهم. وقل: معناه والذين يجادلون في الله بنصرة مذهبهم من بعد ما استجيب للنبي صلى الله عليه وآله وسلم دعاؤه في كفار بدر، حتى قتلهم الله بأيدي المؤمنين، واستجيب دعاؤه على أهل مكة، وعلى مضر، حتى قحطوا. ودعاؤه للمستضعفين حتى خلصهم الله من أيدي قريش، وغير ذلك مما يطول تعداده، عن الجبائي.
وقيل: من بعد ما استجيب لمحمد صلى الله عليه وآله وسلم دعاؤه في إظهار المعجزات وإقامتها.
وقيل: من بعد ما استجيب له بأن أقروا به قبل مبعثه، فلما بعث جحدوه، كما قال:
(وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا). وإنما سمي سبحانه شبهتهم حجة على اعتقادهم، ولشبهها بالحجة أجرى عليها اسمها من غير إطلاق الصفة بها.
(وعليهم غضب) أي غضب الله عليهم لأجل كفرهم. (ولهم عذاب شديد)