(ما ضربوه لك إلا جدلا) أي ما ضربوا هذا المثل لك إلا ليجادلوك به، ويخاصموك، ويدفعوك به عن الحق، لأن المتجادلين لا بد أن يكون أحدهما مبطلا بخلاف المتناظرين، لأن المناظرة قد تكون بين المحقين. (بل هم قوم خصمون) أي جدلون في دفع الحق بالباطل. ثم وصف سبحانه المسيح فقال: (إن هو إلا عبد أنعمنا عليه) أي ما هو إلا عبد أنعمنا عليه بالخلق من غير أب، وبالنبوة. (وجعلناه مثلا لبني إسرائيل) أي آية لهم ودلالة يعرفون بها قدرة الله تعالى على ما يريد، حيث خلقه من غير أب، فهو مثل لهم يشبهون به ما يرون من أعاجيب صنع الله.
ثم قال سبحانه، دالا على كمال قدرته، وعلى أنه لا يفعل إلا الأصلح. (ولو نشاء لجعلنا منكم) أي بدلا منكم معاشر بني آدم (ملائكة في الأرض يخلفون) بني آدم أي يكونون خلفاء منهم. والمعنى: لو نشاء أهلكناكم، وجعلنا الملائكة بدلكم سكان الأرض، يعمرونها، ويعبدون الله. ومثل قوله (منكم) في الآية ما في قول الشاعر:
فليت لنا من ماء زمزم شربة * مبردة باتت على الطهيان (1) وقيل: معناه ولو نشاء لجعلناكم أيها البشر ملائكة، فيكون من باب التجريد.
وفيه إشارة إلى قدرته على تغيير بنية البشر إلى بنية الملائكة، يخلفون أي يخلف بعضهم بعضا. * (وإنه لعلم للساعة فلا تمترن بها واتبعون هذا صراط مستقيم [61] * ولا يصدنكم الشيطان إنه لكم عدو مبين [62] * ولما جاء عيسى بالبينات قال قد جئتكم بالحكمة ولا بين لكم بعض الذي تختلفون فيه فاتقوا الله وأطيعون [63] * إن الله هو ربي وربكم فاعبدوه هذا صراط مستقيم [64] * فاختلف الأحزاب من بينهم فويل للذين ظلموا من عذاب يوم أليم [65] *.